تحقيقات

دوافع واستراتيجيات إقصاء المدرسين من المشهد الرمضاني الرئاسي في موريتانيا

في رمضان 2025، اتخذ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خطوة لافتة بتنظيم إفطارات جماعية مع فئات مجتمعية مختارة (كالحمالة وطلاب الجامعة والطواقم الطبية)، بينما استُبعد مدرسو التعليم الأساسي والثانوي – الذين يشكلون 70% من موظفي القطاع العام – لأول مرة في التاريخ الحديث للبلاد . هذا الإقصاء أثار تساؤلات حول دوافعه، خاصةً في ظل العلاقة التاريخية بين الرئيس والمدرسين، والتي شهدت تحسينات مادية خلال ولايته الأولى (مثل زيادة علاوة البعد بنسبة 150% وعلاوة الطبشور بنسبة 50%


الفرضيات التحليلية لدوافع الإقصاء

  1. التوتر بين الرئاسة والحكومة الحالية:
  • تشير مصادر نقابية إلى أن استبعاد المدرسين قد يكون نتاج “حسابات خاصة” بين الرئيس ورئيس الحكومة الحالية، حيث يُنظر إلى الأخير كطرف يُضعف مكانة المدرسين منذ توليه المنصب. يُذكر أن المدرسين يعتبرون أن الحكومة الحالية “غسلت ألواحهم” من أي مكاسب مادية أو معنوية .
  • يُستدل على ذلك بالفشل في تنفيذ وعود سابقة، مثل حل أزمة السكن عبر “صندوق سكن المدرسين”، والذي تحوّل إلى “حلم خادع” وفقاً لتصريحات المدرسين .
  1. السياسة الرمزية وإدارة الأولويات:
  • اختيار الفئات المدعوة (كالحمالة والطلاب) يعكس استراتيجية لتعزيز صورة الرئيس كزعيم “شعبي” يلامس قضايا الفئات الهشة، بينما يُنظر إلى المدرسين – رغم ثقلهم العددي – كفئة ذات مطالب متصاعدة قد تشكل ضغطاً على الموازنة .
  • يُلاحظ أن المدرسين قدموا مطالب واضحة تشمل مضاعفة الرواتب والعلاوات، مما يجعلهم فئة “مُكلفة” مالياً في ظل سياسة حكومية تركز على مشاريع مثل “الرقمنة” و”العصرنة” .
  1. التأثير النقابي والاحتجاجات:
  • تصاعدت الاحتجاجات النقابية للمدرسين مطلع العام الدراسي 2025، حيث توحدوا للمطالبة بحقوقهم. قد يكون الإقصاء رسالةً لثنيهم عن التصعيد، أو لتوجيه الرأي العام ضدهم بوصفهم “فئة ممتنة” رغم التحسينات السابقة .

المفارقات والتأثيرات السياسية

  • الانقسام داخل صفوف المدرسين: بينما يعبر الكثيرون عن إحباطهم، لا يزال جزءٌ منهم يُقدر إنجازات الرئيس السابقة، مما يكشف عن انقسام في الرأي حول مدى استجابة النظام لمطالبهم .
  • الرسالة غير المباشرة: قد يكون الإقصاء محاولةً لدفع المدرسين إلى قبول حكومة جديدة تُعلن أولويتها لتحسين دخل الموظفين، كبديل عن الحكومة الحالية التي تُتهم بإهمال القطاع التعليمي .

الخلاصة الأكاديمية

يُظهر هذا الحدث تحولاً في سياسة الرئيس الغزواني من “الاستمالة المادية” للمدرسين إلى “الاستبعاد الرمزي”، والذي قد يكون مدفوعاً بـ:

  1. توترات داخلية بين الرئاسة والحكومة.
  2. حسابات مالية مرتبطة بضغوط الموازنة.
  3. استراتيجية لتحييد فئةٍ احتجاجيةٍ ذات تأثير مجتمعي واسع.
    لكن المخاطرة هنا تكمن في تآكل الشرعية الرمزية للرئيس لدى فئةٍ كانت تُعتبر حليفاً أساسياً في ولايته الأولى.

توصية بحثية: يحتاج الأمر إلى متابعة ردود الأفعال النقابية اللاحقة،

ومدى تأثير هذا القرار على التحالفات السياسية للرئيس في ظل استحقاقات محتملة مثل تشكيل حكومة جديدة.

محمد ولد محمذفال

بتصرف في الصياغة


زر الذهاب إلى الأعلى