كارثة إنسانية وشيكة في غزة: نفاد حليب الأطفال يهدد حياة مئات الرضّع

في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أشهر، يلوح في الأفق شبح كارثة إنسانية غير مسبوقة، تهدد حياة مئات الأطفال الرضّع والخُدّج الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات البقاء: حليب الأطفال.
الدكتور أحمد الفرا، رئيس أقسام الأطفال والولادة في مستشفى ناصر الطبي بمدينة خانيونس، أطلق صرخة استغاثة عاجلة، محذرًا من أن الوضع قد بلغ “نقطة الصفر”. وأكد الفرا في تصريحاته الصحفية أن مخزون حليب الأطفال في المستشفيات والأسواق والمؤسسات الإغاثية قد نفد بالكامل، مع عدم دخول أي كميات إلى القطاع منذ أكثر من أربعة أشهر، رغم النداءات المتكررة للجهات المعنية.
وأضاف أن قسم الحضانة في مجمع ناصر الطبي يحتضن حاليًا نحو 25 طفلًا يعانون من نقص حاد في حليب الأطفال رقم (1) و(2)، في حين يُحرم الأطفال الخُدّج من الحليب الطبي المتخصص الذي يُعدّ ضرورة حيوية لبقائهم.
وجاء في بيان رسمي صادر عن المستشفى مساء الأربعاء:
“نحن على بُعد 48 ساعة فقط من كارثة إنسانية حقيقية. مئات الأطفال الرضّع في حضانات مستشفى ناصر مهددون بالموت نتيجة انقطاع حليبهم الأساسي. لا يتوفر الحليب في أي مكان، ولا وقت أمام هؤلاء الأطفال ولا صوت لهم”.
من جهتها، نبهت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إلى أن أزمة التغذية في غزة تتفاقم بشكل متسارع، مشيرة إلى أن الأغذية التكميلية للأطفال قد نفدت بالكامل من مناطق جنوب ووسط القطاع. ووفقًا للمنظمة، فإن ما تبقى من حليب الأطفال الجاهز لا يكفي سوى لـ400 رضيع ولمدة لا تتجاوز الشهر، في حين يُقدر عدد الأطفال دون سن ستة أشهر الذين يحتاجون تغذية تكميلية عاجلة بنحو 10,000 رضيع.
وأشارت اليونيسف إلى أن 21 مركزًا لعلاج سوء التغذية أُجبر على الإغلاق منذ 18 مارس/آذار 2025، بسبب القصف أو أوامر الإخلاء، مما عرّض حياة 350 طفلًا كانوا يتلقون العلاج المنتظم للخطر المباشر.
أما المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد وجّه اتهامًا صريحًا لإسرائيل بارتكاب “جريمة تجويع جماعي”، مؤكدًا أن الاحتلال يمنع إدخال المساعدات الإنسانية منذ شهرين، متسببًا في منع دخول 18,600 شاحنة إغاثية، و1,550 شاحنة وقود، واستهداف أكثر من 60 مطبخًا خيريًا ومركزًا لتوزيع الطعام.
يُذكر أن العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة، خلّف دمارًا واسعًا ووقعات بشرية مروّعة، حيث تجاوز عدد الشهداء والجرحى 185 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، مع تسجيل أكثر من 11 ألف مفقود، في وقت يتواصل فيه التهجير القسري وتعمّ المجاعة مناطق واسعة من القطاع، متسببة في وفاة العديد من الأطفال.
رغم التحذيرات الأممية وأوامر محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف العدوان، تستمر إسرائيل في تجاهل المجتمع الدولي، في مشهد يتعدى كونه أزمة إنسانية ليُشكّل جريمة إبادة موصوفة بحق شعب أعزل.
أرواح مئات الرضّع معلّقة بين الحياة والموت في حضّانات غزة… فهل من مُجيب؟