السودان يختتم عملية استبدال العملة وسط تحديات أمنية واقتصادية


بعد تمديدها للمرة الثانية، تُختتم يوم الاثنين المقبل عملية استبدال الفئات الكبيرة من الجنيه السوداني، وذلك عقب احتجاجات شهدتها ولايات شرقي البلاد. وكشفت الحكومة عن محاولات من قبل قوات الدعم السريع لزعزعة عملية الاستبدال، التي حظرت تداول العملة الجديدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
بدأت عملية استبدال الأوراق النقدية من فئتي 500 وألف جنيه في الولايات الآمنة منذ العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأعلن بنك السودان المركزي أن العملات بحوزة المواطنين في المناطق المتأثرة بالحرب ستظل مبرئة للذمة إلى حين استبدالها.
تتم عملية الاستبدال حالياً في ولايات البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، ونهر النيل، والشمالية، وسنار، والنيل الأبيض، وإقليم النيل الأزرق، على أن تشمل ولاية الخرطوم في غضون أسبوعين بعد استئناف عمل فرع بنك السودان المركزي في أم درمان.
وقررت اللجنة العليا لاستبدال العملة تمديد فترة الاستبدال حتى يوم الاثنين المقبل، بعد احتجاجات في مدينتي بورتسودان والقضارف، بسبب عدم تمكن بعض المواطنين من استبدال مدخراتهم في الفترة المحددة.
تحذيرات حكومية
أكد وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، أن السلطات رصدت محاولات من عناصر تابعة لقوات الدعم السريع لزعزعة عملية استبدال العملة. وأوضح أن هناك مجموعات تعمل في المضاربة بالذهب والمحاصيل، محذراً المواطنين من التعامل معها.
وأضاف الإعيسر أن اللجنة العليا لاستبدال العملة برئاسة عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر، دعت المواطنين إلى فتح حسابات مصرفية، وأكدت ضرورة تسريع الربط بين المصارف والتطبيقات البنكية لتسهيل عمليات التبادل النقدي.
تتولى المصارف استلام العملات القديمة من المواطنين وفتح حسابات مصرفية لهم، فيما حدد بنك السودان سقفاً للسحب اليومي بقيمة 200 ألف جنيه (حوالي 330 دولاراً)، وهو ما أثار احتجاجات من رجال الأعمال والمزارعين الذين اعتبروا أن هذا السقف غير كافٍ لتلبية التزاماتهم اليومية.
تداعيات اقتصادية وأمنية
شهدت الأسواق السودانية ارتفاعاً في حركة شراء السيارات والأراضي والذهب والمحاصيل عقب إعلان تغيير العملة، بينما لجأ البعض إلى تسليم أموالهم لوسطاء مقابل تحويل مصرفي بعمولات تراوحت بين 10% و20%. كما شهدت المصارف ازدحاماً ملحوظاً.
من جانبه، أكد وزير المالية والاقتصاد الوطني جبريل إبراهيم أن استبدال العملة كان ضرورة اقتصادية وأمنية، نظراً لانتشار العملات المزيفة والمسروقة من المصارف، إضافة إلى السعي لتحقيق الشمول المالي وربط المواطنين بالمصارف.
وأشار إلى أن التأخير في تنفيذ عملية الاستبدال كان بسبب التحديات المالية والإدارية، مؤكداً أن العملة القديمة ستظل مبرئة للذمة حتى استبدالها بالكامل.
مواقف معارضة واستمرار التحديات
في المقابل، أصدرت الإدارات المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع قوانين تحظر التعامل بالعملة الجديدة وتفرض عقوبات على المخالفين، ووصفت التعامل بها بأنه جريمة يعاقب عليها القانون.
ويرى خبراء اقتصاديون أن عملية استبدال العملة تواجه تحديات عديدة، حيث أشار الخبير المصرفي عمر إسماعيل إلى أن الظروف الحالية غير ملائمة سياسياً واقتصادياً وأمنياً. وأكد أن نجاح هذه الخطوة يتطلب السيطرة على معدلات التضخم وتحقيق الاستقرار النقدي، وهو ما لم يتحقق بعد.
وأوضح أن عملية استبدال العملة يجب أن تتم وفق خطط إصلاح نقدي شاملة لضمان تحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة.