تصاعد التوتر بين فرنسا والجزائر: خلافات دبلوماسية وعقارية وأزمة المهاجرين

تناولت ثلاث من كبريات الصحف الفرنسية أبرز مكونات الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة بين فرنسا والجزائر. فرأت صحيفة لاكروا أن العلاقات بين البلدين تسير في منحى شديد السوء، فيما ركزت لوموند على الخلافات العقارية، بينما سلطت لوفيغارو الضوء على الارتفاع الكبير في أعداد الجزائريين داخل السجون الفرنسية.
تصاعد التوترات الدبلوماسية
في افتتاحية كتبها رئيس تحريرها جان كريستوف بلوكين، حذرت لاكروا من أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايلو تجاه الجزائر قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين البلدين، مما يضر بالمصالح الفرنسية. وأكد بلوكين على ضرورة ضبط الخطاب الرسمي، مشدداً على أهمية الحوار لمنع انهيار العلاقات الذي لن يستفيد منه سوى المتطرفون.
وأشار إلى تعقيد التعامل مع النظام الجزائري، الذي تهيمن عليه قوى أمنية غامضة تعرقل تأثير التيار المعتدل، لافتًا إلى أن السبب الرئيسي للخلاف هو شعور الجزائر بالإهانة بعد اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. ودعا إلى تفعيل الحوار الدبلوماسي باعتباره السبيل الوحيد لإعادة بناء الثقة وتجنب تداعيات كارثية على العلاقات الثنائية.
النزاع حول الممتلكات العقارية
من جانبها، تناولت لوموند ملف العقارات الفرنسية في الجزائر، معتبرةً أن كشف الصحافة الجزائرية الرسمية عن هذا الملف في هذا التوقيت يعكس تصعيدًا دبلوماسيًا مقصودًا. وأشارت الصحيفة إلى مطالبة الجزائر بإعادة تقييم الاتفاقيات العقارية، في خطوة تبرز مساعيها لإعادة رسم العلاقة مع باريس.
وسلطت الضوء على الجدل بشأن “فيلا الزيتون”، مقر إقامة السفير الفرنسي في الجزائر، إذ تتهم الجزائر فرنسا بدفع إيجارات متدنية على مدى عقود، مما زاد من حدة التوترات بين البلدين.
أزمة ترحيل الجزائريين
أما لوفيغارو، فركزت على الارتفاع الحاد في عدد الجزائريين غير المرغوب فيهم في فرنسا، حيث باتوا يشكلون تحديًا كبيرًا لوزارتي الداخلية والعدل. وأشارت الصحيفة إلى أن عدد المعتقلين الجزائريين تجاوز 33 ألفًا من بين 147 ألف معتقل بسبب انتهاكات قانون الهجرة، مسجلةً زيادة بنسبة 117% خلال العقد الماضي.
وأوضحت أن عدد السجناء الجزائريين في فرنسا بلغ أكثر من 4 آلاف، أي ضعف عدد السجناء المغاربة وأربعة أضعاف عدد السجناء التونسيين، لترتفع نسبتهم من 33% في 2023 إلى 43% في 2024. كما لفتت إلى أن نحو 1000 جزائري تم وضعهم في مراكز الترحيل، لكن لم يتم تنفيذ عمليات الإبعاد سوى لـ25.7% منهم، بسبب رفض السلطات الجزائرية استقبالهم.
مستقبل العلاقة المتوترة
في ظل هذه التطورات، تجد باريس نفسها أمام معضلة متزايدة في إدارة ملف المهاجرين، وسط تحديات قانونية وإدارية تعيق عمليات الترحيل، مما يزيد من الضغوط السياسية والأمنية.
وتكشف هذه التوترات أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، حيث يسعى كل طرف إلى توظيف الملفات العالقة لتحقيق مكاسب سياسية، بينما تبقى الأسئلة مفتوحة حول مستقبل هذه العلاقة المضطربة.