الصحة العالمية تقر اتفاقًا دوليًا تاريخيًا للوقاية من الجوائح بعد ثلاث سنوات من المفاوضات

أعلنت جمعية الصحة العالمية، خلال اجتماعها في جنيف يوم الثلاثاء، اعتماد الاتفاق الدولي بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها، بعد ثلاث سنوات من مفاوضات مضنية شاركت فيها الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية.
ووصف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الاتفاق بأنه “انتصار للصحة العامة والعلوم والتعاون متعدد الأطراف”، مؤكدًا أنه سيمكّن العالم من مواجهة التهديدات الوبائية المستقبلية بطريقة جماعية وأكثر فعالية. وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: “اليوم يوم تاريخي بكل المقاييس”.
ويأتي الاتفاق في ضوء الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد-19، التي أودت بحياة ملايين البشر وأثّرت بشكل عميق على الاقتصادات والمجتمعات حول العالم. ويهدف النص إلى تحسين الاستعدادات العالمية والتنسيق المبكر للاستجابة لأي خطر وبائي محتمل، كما ينص على تعزيز قدرات المراقبة والوقاية، بالإضافة إلى ضمان الوصول العادل إلى المنتجات الصحية خلال الأزمات.
وقد تم التوصل إلى النسخة النهائية من الاتفاق بالتوافق في 16 أبريل/نيسان الماضي، وتتضمن آلية عالمية لتنسيق الجهود في مراحل مبكرة من رصد التهديدات الصحية، إلى جانب ضمان الإنصاف في توزيع اللقاحات والأدوية والفحوص، وهو مطلب لطالما دافعت عنه الدول النامية التي عانت خلال جائحة كوفيد-19 من احتكار الدول الغنية للموارد الطبية.
كما يعزز الاتفاق نهج “الصحة الواحدة” الذي يربط بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة، ويؤسس لآلية جديدة تُعرف باسم “إتاحة مسببات المرض وتشارك المنافع”، والتي تهدف إلى تسريع وتيرة تبادل المعلومات حول مسببات الأمراض ذات الطابع الوبائي، لضمان استجابة فعالة على المستوى العالمي.
وبحسب السفيرة الفرنسية لشؤون الصحة، آن-كلير أمبرو، التي شاركت في إدارة المفاوضات، فإن الآلية ستتيح تشاركًا منهجيًا وسريعًا للغاية للمعلومات حول التهديدات الوبائية. وأشارت إلى أن تفاصيل هذه الآلية لا تزال قيد التفاوض، على أن تُستكمل بحلول الدورة القادمة لجمعية الصحة العالمية في مايو/أيار 2026.
وقد جرى اعتماد القرار بشأن الاتفاق مساء الاثنين في إحدى لجنتي الجمعية، بأغلبية ساحقة بلغت 124 صوتًا مؤيدًا، دون اعتراض أي دولة. في المقابل، امتنعت بعض الدول، من بينها إسرائيل وإيران وروسيا وإيطاليا وبولندا، عن التصويت.
ويُذكر أن المفاوضات للوصول إلى هذا الاتفاق واجهت تحديات كبيرة كادت أن تؤدي إلى انهيارها، خاصة في ظل الضغوط المالية على منظمة الصحة العالمية بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المنظمة وامتناعها عن دفع اشتراكاتها للعامين 2024 و2025.