صفقة استراتيجية تمنح السيطرة الأميركية على موانئ بنما وسط مخاوف من النفوذ الصيني

وافقت مجموعة “سي كيه هتشيسون هولدنغ”، التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، على بيع حصتها المسيطرة في شركة تابعة تدير موانئ بالقرب من قناة بنما إلى تحالف يضم شركة “بلاك روك” الأميركية، في خطوة من شأنها تعزيز النفوذ الأميركي على الممر المائي الاستراتيجي، وسط اتهامات سابقة من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن تدخل الصين في عمليات القناة.
تفاصيل الصفقة
أعلنت “سي كيه هتشيسون” مساء الثلاثاء عن إبرام اتفاق لبيع جميع أسهمها في “هتشيسون بورت هولدينغز” و**”هتشيسون بورت-غروب هولدينغز”** إلى التحالف في صفقة تُقدر قيمتها بنحو 23 مليار دولار، تشمل 5 مليارات دولار من الديون.
توسع أميركي في إدارة الموانئ
بموجب هذه الصفقة، سيحصل تحالف بلاك روك على السيطرة على 43 ميناء في 23 دولة، بما في ذلك الموانئ الرئيسية في بالبوا وكريستوبال في بنما، إضافة إلى موانئ أخرى في المكسيك، هولندا، مصر، أستراليا، باكستان، ومناطق أخرى حول العالم.
مع ذلك، لا تشمل الصفقة أي استثمارات في الموانئ الصينية، حيث تظل إدارة الموانئ في هونغ كونغ، شنتشن، وجنوب الصين تحت سيطرة شركات أخرى.
أبعاد سياسية واقتصادية
تأتي هذه الصفقة وسط تصاعد الجدل حول النفوذ الصيني في بنما، حيث تمثل 70% من حركة السفن عبر القناة صادرات أو واردات موجهة للولايات المتحدة.
يُذكر أن واشنطن شيدت قناة بنما في أوائل القرن العشرين لتسهيل حركة السفن التجارية والعسكرية بين السواحل الأميركية، لكنها نقلت السيطرة على القناة لبنما في عام 1999، بموجب معاهدة وقعها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عام 1977، وهي خطوة انتقدها ترامب بشدة، واصفًا المعاهدة بأنها كانت “تصرفًا غبيًا”.
القلق الأميركي من النفوذ الصيني
أثار بعض المسؤولين الأميركيين مخاوف بشأن التأثير الصيني في المنطقة، حيث زعم السيناتور تيد كروز أن بكين قد تستغل الموانئ أو تتحكم في حركة العبور عبر القناة، محذرًا من أن الموانئ تمنح الصين “نقاط مراقبة استراتيجية” قد تُشكل تهديدًا للأمن القومي الأميركي.
ضغط أميركي وانسحاب بنما من “الحزام والطريق”
في فبراير الماضي، زار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بنما، وأبلغ الرئيس خوسيه راؤول مولينو بأن بلاده يجب أن تحد من النفوذ الصيني على القناة، وإلا فقد تواجه عواقب من واشنطن. وعلى إثر ذلك، أعلنت بنما انسحابها من مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهو ما قوبل بإدانة قوية من بكين.
تحالف بلاك روك والاهتمام الأميركي بالموانئ
في حين كان الجدل يتركز على تصريحات ترامب حول استعادة السيطرة الأميركية على القناة، وُجّهت الأنظار نحو موانئ هتشيسون باعتبارها عنصرًا استراتيجياً في المعادلة. وكانت الشركة قد حصلت مؤخرًا على تمديد عقد إدارة الموانئ في بنما لمدة 25 عامًا دون طرح مناقصة، وهو الأمر الذي خضع للتدقيق مؤخرًا، مما فتح المجال لتكهنات حول إمكانية طرح العقد مجددًا لصالح جهة أميركية.
في سياق الصفقة، أكد فرانك سيكست، المدير الإداري المشارك لشركة “سي كيه هتشيسون”، أن الاتفاق جاء نتيجة “عملية تنافسية سريعة” شهدت اهتمامًا واسعًا من المستثمرين، مشددًا على أن الصفقة “تجارية بحتة” ولا ترتبط بالجدل السياسي المحيط بموانئ بنما.
يضم تحالف بلاك روك، الذي يتخذ من نيويورك مقراً له ويدير أصولاً بقيمة 11.6 تريليون دولار، شركتي “غلوبال إنفراستراكتشر بارتنرز” التابعة لبلاك روك، و**”ترمينال إنفيستمنت ليمتيد”**، مما يمنح الولايات المتحدة موطئ قدم أقوى في إدارة الموانئ العالمية، ويحدّ من النفوذ الصيني في منطقة حيوية لحركة التجارة الدولية.