ترامب يُعيد “تيك توك” إلى الساحة الأميركية ويصطدم بالضرائب الصينية

منذ لحظة دخوله البيت الأبيض، سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى اتخاذ خطوات لإعادة تشغيل تطبيق “تيك توك” داخل الولايات المتحدة، بعد أن تم تعليق نشاطه بالكامل بقرار من إدارة بايدن السابقة. وأوضح ترامب في تصريحاته حينها أنه يعمل بالتنسيق مع الحكومة الصينية وشركة “بايت دانس” المالكة للتطبيق من أجل التوصل إلى تسوية تضمن استمرار عمل “تيك توك” في السوق الأميركي، ليقرر لاحقًا تمديد مهلة الحظر لمدة 75 يومًا.
مساعٍ لصفقة ذات أبعاد سياسية
خلال فترة التمديد، تناقلت وسائل الإعلام أسماء لجهات أميركية بارزة أبدت اهتمامها بشراء حصة في “تيك توك” أو التعاون مع إدارته الصينية، في خطوة اعتُبرت سياسية بقدر ما هي تجارية، بما يعكس رغبة مشتركة في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين.
وقبل الإعلان المنتظر عن آلية تقسيم المنصة وتثبيت ملكية الخوارزمية لصالح الجانب الصيني، باغت ترامب الجميع بإعلان فرض ضرائب جديدة على المنتجات الصينية، ما دفع بكين إلى تعليق المحادثات الخاصة بـ”تيك توك”، وفق ما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر شاركت في المفاوضات.
تفاهم أولي يتعثر بسبب الضرائب
كشفت تقارير واشنطن بوست أن اتفاقًا أوليًا كان قد تم التوصل إليه بين إدارة “تيك توك” والبيت الأبيض بشأن وضع المنصة وآلية عملها داخل الولايات المتحدة، وكان من المرتقب الإعلان عنه في مؤتمر صحفي مشترك. غير أن الحكومة الصينية أوقفت التفاوض في اللحظات الأخيرة، مبررة ذلك برفضها مناقشة مصير “تيك توك” بمعزل عن ملف الضرائب الجديدة.
وقد شملت تفاصيل الصفقة المقترحة استثمارات من شركات أميركية كبرى، أبرزها “أوراكل”، إلى جانب “بايت دانس” وبعض الصناديق الاستثمارية، على أن يحتفظ المستثمرون الأميركيون بـ50% من أسهم المنصة، مقابل أقل من 20% للحكومة الصينية. ووفق نيويورك تايمز، فإن بكين كانت قد أبدت موافقتها المبدئية على هذا الترتيب قبل أن تتراجع عقب إعلان الضرائب.
تصعيد في التصريحات وتمديد جديد للمفاوضات
ردًا على توقف المفاوضات، أعلن ترامب تمديد المهلة 75 يومًا إضافيًا، لتبدأ مرحلة من التصريحات المتبادلة بين الجانبين. ونشر ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” أن إدارته حققت تقدمًا كبيرًا في إنقاذ “تيك توك”، متعهدًا بإتمام الصفقة بما يرضي الطرفين.
وفي المقابل، أعلنت شركة “بايت دانس” أن المفاوضات توقفت لإعادة النظر في بعض “المسائل الجوهرية”، مع التأكيد على خضوع الصفقة للقوانين الصينية، دون الكشف عن تفاصيل هذه المسائل. ترامب ردّ بتصريحات وصف فيها نفسه بـ”المرن جدًا”، مع استعداده لتقديم تنازلات مقابل تنازلات من الجانب الآخر.
وفي تعليق قانوني على الملف، شبّه أنوبام تشاندر، أستاذ القانون والتكنولوجيا في جامعة جورج تاون، الوضع الراهن بـ”فأر عالق بين عملاقين”، مشيرًا إلى أن تعنت الطرفين يعقّد الوصول إلى اتفاق نهائي. من جانبه، أبدى السيناتور الديمقراطي مارك وارنر قلقه من وضع “تيك توك” وسط حرب تجارية، مؤكدًا أن الأمن القومي لا ينبغي أن يُرتهن للسياسات الضريبية.
مأزق اقتصادي وسياسي متشابك
رغم عدم الربط الرسمي بين صفقة “تيك توك” والضرائب، فإن معظم المؤشرات تشير إلى وجود علاقة مباشرة، خاصة مع تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. وبلغت الضرائب الأميركية الجديدة على السلع الصينية نحو 145%، كرد فعل على فرض بكين رسومًا بنسبة 125% على المنتجات الأميركية.
وبرغم استثناء المنتجات الإلكترونية والشرائح وأشباه الموصلات من الرسوم، فإن الضرائب لا تزال تهدد برفع أسعار العديد من السلع في السوق الأميركية، وعلى رأسها أجهزة “آيفون” التي قد تشهد ارتفاعًا يقارب 100%، وهو ما دفع ترامب إلى استثناء قطاع التكنولوجيا من إجراءاته الأخيرة.
تيك توك رهن تفاهم الجانبين
لا يزال مستقبل “تيك توك” في الولايات المتحدة معلقًا بمدى توصل الحكومتين الأميركية والصينية إلى تسوية بشأن الضرائب خلال المهلة الجديدة. إذ يمثل السوقان الأميركي والصيني فرصًا استثمارية ضخمة للطرفين، ويصعب تجاهل أهمية هذا التفاهم في تحديد مصير واحد من أبرز التطبيقات التي تقع حاليًا في قلب النزاع الاقتصادي الأكبر بين القوتين العالميتين.