الموريتانية للطيران”… أداة سيادية تتجاوز منطق الربح والخسارة

في خضم الجدل الدائر حول مستقبل شركة “الموريتانية للطيران”، تبرز إشكالية الربط الاستراتيجي كعنوانٍ مضللٍ في قراءة أعمق لمكانة هذه المؤسسة. فالمسألة لا تتعلق فقط بإغلاق كيان يُسجّل خسائر ظرفية، بل تتجاوز ذلك إلى جوهرٍ أكثر تعقيدًا: التخلي عن ذراع سيادية تُعد من أبرز أدوات الدولة الاستراتيجية ومنصة محورية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية.
فدور “الموريتانية للطيران” لا يقتصر على تشغيل رحلات جوية تربط بين المدن والعواصم، بل يعكس مدى قدرة الدولة على إدارة أصولها الكبرى، وتفعيل تنافسيتها، وتحقيق التكامل الإقليمي، فضلاً عن كونها أداة لجذب وتعبئة الاستثمارات. إنها، ببساطة، مرآة تُظهر كفاءة الدولة في توظيف الإمكانات لخدمة الأهداف التنموية الكبرى.
وبالنظر إلى الاستراتيجية الوطنية للنمو المتسارع والرفاه المشترك (SCAPP)، تبرز الشركة كرافعة ثقة ومُحرّك فعّال لخدمة أولويات الدولة الهيكلية. إنها ليست مجرد مؤسسة عمومية، بل مشروع سيادي يحتاج إلى رؤية استشرافية تُعيد تعريف دوره بعيدًا عن الحسابات الضيقة للربحية المرحلية.
إن السؤال المطروح اليوم لا يجب أن يكون: “هل نُبقي على الشركة أم نُصفيها؟”، بل “هل نحن مستعدون لتحويلها إلى منصة استراتيجية متكاملة تُجسّد رؤيتنا التنموية وتعزّز من تموقع موريتانيا الجيواقتصادي؟”.
فالرهان الحقيقي لا يكمن في تحقيق أرباح آنية، بل في خلق قيمة اقتصادية مضافة تؤثر إيجابًا على قطاعات حيوية أخرى، وتدفع بموريتانيا إلى قلب خارطة النقل الجوي الإقليمي والدولي.