تكنولوجيا

اتفاقية ميتا ورويترز: شراكة الذكاء الاصطناعي بين الفرص والتحديات

“لكل عصرٍ دلالته، ودلالة هذا العصر هي الصحافة؛ فهي لسان الأمة، ونبض الشعب، وحصن الحقوق، وسلاح في وجه الظلم.” بهذه الكلمات الخالدة وصف أحمد شوقي الدور المحوري للصحافة باعتبارها صوت الحق وأداة لكشف الحقيقة ومواجهة الباطل.

غير أن هذا الدور الذي ظل لعقود حجر الزاوية في تعزيز الحرية الفكرية، يواجه اليوم تحديات جديدة فرضتها الثورة الرقمية وهيمنة عمالقة التكنولوجيا. في عالم أصبحت فيه العلاقة بين شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام ميدانًا لصراع المصالح، برزت أسئلة جوهرية حول استقلالية الصحافة ومصداقيتها، لتتجلى الشراكة بين “ميتا” ووكالة “رويترز” كإحدى أبرز مظاهر هذا المشهد.

شراكة بين “ميتا” و”رويترز”: الذكاء الاصطناعي في خدمة الإعلام؟

في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت شركة “ميتا بلاتفورمز” عن شراكة جديدة مع وكالة “رويترز”، تهدف إلى استخدام محتوى الوكالة في تطوير روبوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي، يقدم إجابات فورية حول الأخبار والأحداث الجارية. خطوة تُعد تعاونًا حديثًا بين عملاق تقني وناشر إخباري.
ورغم غياب التفاصيل المالية لهذه الصفقة، إلا أن مصادر تشير إلى أنها تمثل أول اتفاقية إخبارية تُبرمها “ميتا” منذ سنوات، في ظل انتقادات حول التضليل الإعلامي وتقاسم الإيرادات.

مخاوف بشأن استقلالية الإعلام

بينما يُروج لهذه الشراكات كفرصة لتطوير الإعلام، تثير في المقابل مخاوف حول تأثيرها على حقوق الصحفيين واستقلالية المؤسسات الإعلامية. وكما قالت الكاتبة آين راند: “لا حرية فكرية بلا حرية سياسية، ولا حرية سياسية بلا حرية اقتصادية.”

وفق تصريحات “ميتا”، يتيح روبوت “ميتا إيه آي” الجديد إمكانية الرد على أسئلة المستخدمين عبر تقديم ملخصات وروابط لمحتوى “رويترز”. وعلى الرغم من تأكيد “رويترز” التعاون مع شركات التكنولوجيا لترخيص محتواها، إلا أن الشروط المحددة لهذه الصفقات تبقى سرية.

جبهات متباينة داخل الإعلام

يشهد قطاع الإعلام انقسامًا واضحًا بين مؤيد ومعارض لهذه الشراكات. ففي حين تسعى بعض المؤسسات لإبرام صفقات مع شركات الذكاء الاصطناعي، تتخذ أخرى مواقف حازمة، مثل صحيفة “نيويورك تايمز”، التي رفعت دعاوى قضائية لحماية حقوقها الفكرية ضد شركات كـ”أوبن إيه آي” و”مايكروسوفت”.
تتمحور هذه القضايا حول ما إذا كانت هذه الشركات تستغل محتوى المؤسسات الإعلامية لتطوير نماذجها الذكية دون تعويض عادل.

مستقبل العلاقة بين الإعلام والتكنولوجيا

في ظل الزخم المتزايد للصفقات بين المؤسسات الإعلامية وشركات التكنولوجيا، يبقى السؤال عن مدى تحقيق توازن بين تطور الذكاء الاصطناعي والحفاظ على استقلالية الإعلام.
فالمستقبل مرهون بقدرة الأطراف المختلفة على صياغة نموذج شراكة يحترم الحقوق ويعزز الابتكار دون المساس بجوهر الصحافة كسلطة رابعة.

زر الذهاب إلى الأعلى