مدن وبلدان

تقرير عن ولاية الحوض الشرقي.. ولاية الأصالة والثراء الطبيعي والتاريخي بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية

موقع استراتيجي واتساع جغرافي

تتربع ولاية الحوض الشرقي على أقصى الشرق الموريتاني، وتُعد من أكبر ولايات البلاد مساحةً، إذ تمتد على نحو 182 ألف كيلومتر مربع، أي ما يقارب 17% من مساحة موريتانيا.
تحدّها مالي شرقًا وجنوبًا، مما يمنحها أهمية جغرافية واقتصادية خاصة، فهي تمثل بوابة موريتانيا الشرقية نحو العمق الإفريقي.
ويبلغ عدد سكانها نحو 625 ألف نسمة، يتوزعون على مقاطعات وبلديات مترامية، يجمعهم النشاط الرعوي والزراعي، وتاريخ طويل من التواصل الثقافي والديني والتجاري.

ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية

الحوض الشرقي ولاية تنبض بالحياة رغم قساوة مناخها وبعدها عن المركز.
يعتمد سكانها على الرعي وتربية المواشي بوصفه النشاط الرئيس، إلى جانب الزراعة المطرية التي تزدهر في المواسم الجيدة.
كما تحتضن الأسواق الأسبوعية الحيوية، التي تشكّل ملتقى للتجار والرعاة والمزارعين من مختلف المقاطعات، بل ومن دول الجوار أيضًا.
ورغم غنى الولاية بمواردها البشرية والطبيعية، فإنها تواجه تحدياتٍ تنمويةً عديدة، أبرزها ضعف البنية التحتية، وبعدها عن العاصمة، وتشتت القرى والأرياف.

النعمة.. القلب النابض للولاية

مدينة النعمة هي عاصمة الحوض الشرقي ومركزها الإداري والتنموي.
تتوسّط الولاية جغرافيًا، وتضم المؤسسات الحكومية والإدارات الجهوية، وتشهد منذ سنوات حركة عمرانية ملحوظة.
عرفت النعمة تاريخيًا بأنها مدينة العلم والتجارة، ومنها تنطلق القوافل نحو الداخل المالي، وتعود محمّلة بالبضائع والثقافات.
ورغم كونها أكثر مدن الولاية حيوية، إلا أنها لا تزال تسعى لتلبية احتياجات النمو السكاني والخدمات العصرية.

تمبدغه.. مجد التاريخ وعبق الحضارة

تُعد تمبدغه من أعرق مقاطعات الحوض الشرقي، وتاريخها متجذر في أعماق الصحراء الموريتانية.
تحوي المقاطعة موقع كومبي صالح الشهير، الذي كان عاصمة لإمبراطورية غانا في القرون الوسطى، ومركزًا تجاريًا وثقافيًا بين الشمال الإفريقي وغربه.
ويبلغ عدد سكانها نحو 79 ألف نسمة، يعيش أغلبهم على الزراعة والرعي، كما تُعرف بوجهها العلمي والسياسي، إذ أنجبت شخصيات بارزة في تاريخ موريتانيا الحديث.
وتبقى تمبدغه شاهدة على تلاقي الماضي العريق بالحاضر المتجدد.

ولاتة.. جوهرة المخطوطات وذاكرة التاريخ

مدينة ولاتة القديمة إحدى أقدم المدن التاريخية في الصحراء الكبرى، وهي مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
تتميّز بطابعها المعماري الفريد، وأزقتها الضيقة المبنية بالحجر الطيني، فضلًا عن مكتباتها التي تحفظ آلاف المخطوطات النفيسة في الفقه واللغة والتاريخ.
يبلغ عدد سكان المقاطعة حوالي 13 ألف نسمة، يعيشون على الزراعة المحدودة والحرف التقليدية، وتُعد من أهم المعالم الثقافية في موريتانيا والعالم الإسلامي.
ولاتة ليست مجرد مدينة، بل ذاكرة حضارية تختزل قرونًا من العلم والتبادل الثقافي عبر الصحراء.

جكني.. واحة الزراعة والرعي

مقاطعة جكني من المقاطعات الزراعية والرعوية المتميزة في الحوض الشرقي، حيث تنتشر فيها الواحات والسهول الخصبة.
يبلغ عدد سكانها نحو 59 ألف نسمة، يعتمد معظمهم على الزراعة الموسمية وتربية الإبل والأغنام.
تُعرف المقاطعة بارتباطها الوثيق بالريف الموريتاني الأصيل، وبعلاقاتها الاجتماعية المتينة بين القرى والأرياف.
كما أنها تشهد حاليًا مشاريع تنموية لتحسين البنية التحتية ودعم الأمن الغذائي في المنطقة.

باسكنو.. البوابة الحدودية والنشاط الإنساني

تقع باسكنو على الحدود الموريتانية المالية، وهي من أكثر مناطق الحوض الشرقي حيويةً من حيث الحركة السكانية والتجارية.
يبلغ عدد سكانها نحو 88 ألف نسمة، وتستضيف آلاف اللاجئين القادمين من مالي، ما جعلها مركزًا لنشاط إنساني دولي متواصل.
تتميز بطابعها القبلي المتنوع، ونشاطها التجاري الكبير، حيث تمرّ عبرها السلع والماشية نحو العمق الإفريقي.
ورغم التحديات الأمنية والبيئية، تبقى باسكنو رمزًا للتعايش والتضامن الإنساني في أقصى حدود الوطن.

آمرج.. أرض الرعي والانفتاح الحدودي

تُعتبر آمرج من المقاطعات الشرقية المهمة، بعدد سكان يقارب 94 ألف نسمة.
يمثل الرعي والزراعة أساس الحياة فيها، وتعد منطقة تواصل تجاري بين موريتانيا ومالي.
تتميز بطبيعتها الهادئة وارتباط سكانها الوثيق بالأرض والمواشي، كما تزدهر فيها حركة التبادل الحدودي التي تسهم في دعم الاقتصاد المحلي.

الظهر.. الهدوء في أقصى الصحراء

مقاطعة الظهر هي الأصغر من حيث الكثافة السكانية، إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 9 آلاف نسمة فقط.
تنتشر فيها التجمعات البدوية الصغيرة، وتعتمد بشكل شبه كلي على الرعي وتربية الإبل.
ورغم بعدها وصعوبة الظروف الطبيعية، فإنها تمثل وجه الصحراء الأصيلة بما تحمله من بساطة الحياة ونقاء الطبيعة.

ولاية المستقبل الواعد

الحوض الشرقي ليست مجرد ولاية نائية، بل كنز وطني يحمل في طياته تاريخًا من المجد، وثروة بشرية هائلة، وموارد طبيعية قابلة للاستثمار.
فمن قمم ولاتة التاريخية إلى سهول تمبدغه الخصبة، ومن أسواق النعمة النابضة إلى رُعاة باسكنو وآمرج، تتشكل لوحة موريتانية أصيلة تنبض بالحياة والأمل.
ومع ما تشهده من مشاريع تنموية حديثة، يحدو سكانها الأمل في أن تكون الولاية قريبًا أحد محركات التنمية الوطنية، تجمع بين الأصالة والمستقبل.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى