تصاعد التوتر في السويداء: مواجهات بين قوات العشائر ومسلحين، ومطالب بتدخل حكومي ودولي

أفادت مصادر محلية لقناة الجزيرة أن قوات العشائر العربية تواصل تمركزها في محيط مدينة السويداء جنوب سوريا، وتخوض اشتباكات عنيفة مع مجموعات مسلحة تصفها الحكومة بأنها “خارجة عن القانون”، لا تزال تنتشر داخل المدينة.
وأضافت المصادر أن مقاتلي العشائر انسحبوا فجر الجمعة من المواقع التي تقدموا إليها داخل المدينة، وتمركزوا في محيطها بانتظار تعزيزات عسكرية تصل تباعاً من مناطق متعددة في البلاد.
وفي سياق متصل، دعا رئيس مجلس القبائل والعشائر السورية، الشيخ عبد المنعم الناصيف، إلى “النفير العام” والتحرك الفوري نحو السويداء لإنقاذ السكان، متهماً المسلحين بارتكاب “مجزرة بحق بدو السويداء”.
من جهته، أكد مصدر أمني سوري للجزيرة أن وزارة الداخلية تلقت مناشدات للتدخل من أجل احتواء الموقف في المحافظة، مشيراً إلى أن الوزارة بدأت تجهيز قوات لإرسالها إلى المدينة بهدف فرض الأمن وحماية المدنيين.
أما رئيس تجمع عشائر الجنوب، الشيخ راكان الخضير، فقد وصف الوضع في السويداء بـ”الصعب للغاية”، مشيراً إلى وجود أكثر من ألفي شخص من أبناء العشائر محتجزين لدى جماعات درزية. ولفت إلى أن الهدف من تحرك العشائر هو “تحرير الرهائن من قبضة جماعة الهجري”، مؤكداً توثيق حوادث “قطع رؤوس أطفال واغتصاب نساء”.
ودعا الخضير جميع أبناء العشائر إلى ضبط النفس وعدم الاعتداء على أحد خلال العمليات الجارية، مشدداً على أن الهدف يقتصر على تحرير المحتجزين.
وشهدت مناطق في ريف السويداء الغربي خلال الساعات الماضية هجوماً مضاداً من قبل قوات العشائر، تمكنت خلاله من السيطرة على بلدات تعارة والدور والمزرعة، وذلك بعد اتهامات وجهت لمجموعات مسلحة درزية بتنفيذ عمليات قتل وانتهاكات بحق بدو المحافظة، عقب انسحاب قوات الأمن الحكومية من المنطقة.
في غضون ذلك، أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن “مجموعات خارجة عن القانون” ارتكبت مجازر في حي المقوس شرق المدينة، الذي تقطنه عائلات بدوية، وأشارت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين، كما تحدثت عن حرق منازل وأحياء تعود للبدو في المدينة وريفها الغربي.
وأضافت مصادر محلية للجزيرة أن أكثر من ألف مدني من البدو محتجزون حالياً في بلدة شهبا بالسويداء، عقب انسحاب قوات الحكومة، وأن أكثر من 500 عائلة بدوية فرت من المدينة بعد تعرض منازلها للحرق على يد مجموعات مسلحة.
دعوات للتهدئة وتدخل لفض النزاع
وفي سياق متصل، كشفت مصادر خاصة للجزيرة أن الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز شيوخ عقل الطائفة الدرزية، طلب من الحكومة السورية إرسال “قوات لفض النزاع” في السويداء. ودعا الهجري إلى الالتزام بروح التسامح، رافضاً تحميل أي طائفة أو منطقة مسؤولية ما وصفه بأعمال التخريب والتحريض.
ورغم تصاعد الاشتباكات، شدد الهجري في كلمة مصورة على أن موقفه وموقف مؤيديه لا يقوم على الطائفية أو الدعوة للفتنة، مطالباً في الوقت ذاته بتدخل دولي لحماية أبناء الطائفة الدرزية. وعلى الجانب الآخر، أعرب عدد من شيوخ الطائفة عن دعمهم للدولة السورية ورفضهم لأي تدخل خارجي.
دمشق تندد وتتهم وتنتقد التدخلات الإسرائيلية
من جانبها، اتهمت الرئاسة السورية “القوات الخارجة عن القانون” بخرق التفاهمات التي تم التوصل إليها بوساطة عربية-أمريكية، وشن هجمات وصفتها بـ”المروعة”. وأشارت الرئاسة، في بيان أصدرته أمس، إلى أنها سحبت القوات النظامية من مواقعها في السويداء لإتاحة المجال أمام جهود التهدئة، غير أن الجماعات المسلحة لم تلتزم بوقف أعمال الانتقام والعنف ضد المدنيين، ما شكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلي.
ودعت الرئاسة المجتمع الدولي إلى دعم الجهود السورية في بسط الأمن وضبط انتشار السلاح، محذرة من أن “الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة في الشأن الداخلي السوري تساهم في تفاقم الوضع وتعقيد المشهد الإقليمي”.
كما شددت الرئاسة على أن الدولة السورية ستواصل اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية وحدة البلاد وأمن مواطنيها.
مساعدات إسرائيلية للطائفة الدرزية
وفي تطور لافت، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، اليوم، عن إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى أبناء الطائفة الدرزية في محافظة السويداء، بقيمة تقدر بنحو 2 مليون شيكل (ما يعادل 596 ألف دولار). وأوضح في منشور على منصة “إكس” أن المساعدات تشمل طروداً غذائية، أجهزة طبية، أدوات إسعاف أولي، وأدوية، ممولة من ميزانية وزارة الخارجية.
وتأتي هذه الأحداث على خلفية اضطرابات بدأت منذ أيام، نتيجة عمليات انتقامية متبادلة بين مجموعات مسلحة درزية وأخرى من العشائر العربية البدوية. ولاحقاً تدخلت القوات الحكومية لمحاولة وقف الاشتباكات، لكنها انسحبت بعد مواجهات مع الفصائل الدرزية المناهضة للحكومة، وتعرضت في الوقت ذاته لغارات جوية إسرائيلية مكثفة.