هل يؤدي تنصير المسلمين إلى تعزيز انتشار الإلحاد؟


شكك الباحث في المذاهب المعاصرة والأديان، سامي عامري، في فعالية ما يعرف بالمنظومات العلمانية في الأوطان العربية في مواجهة الخطاب التنصيري الموجه للمسلمين. وقد أشار عامري إلى أنه من الصعب أن تكون هذه المنظومات القائمة على العلمانية قادرة على دحض الجهود التنصيرية التي تستهدف المسلمين.
تطرق عامري لظاهرة التنصير التي تستهدف المسلمين، وكيفية مواجهتها من قبل الأنظمة والحكومات في العالم العربي والإسلامي. أكد أن هناك قوانين معينة تمنع البلبلة وتحظر ازدراء الأديان في العديد من الدول العربية، ولكنه شكك في قدرتها على تحقيق نجاح كبير في مواجهة التنصير بسبب تواجد من يروجون للإلحاد والتنصير.
أشار عامري إلى أن التنصير لا يقتصر على دعوة المسلمين لتبني النصرانية فحسب، بل يمتد إلى محاولة تغيير ديانتهم بشكل عام. وأشار إلى أن هناك ترابطاً بين التنصير وانتشار الإلحاد، وأن الأشخاص الذين يدعون للإلحاد يعملون على ترويج الخطاب التنصيري أيضاً.
وتناول عامري موضوع التنصير من منظور تاريخي ومعاصر، حيث أشار إلى تغير طبيعة هذه الظاهرة وانتشارها في وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضح أن التنصير كان يقوم به في الماضي مؤسسات دينية وجامعات، بينما أصبح في الوقت الحالي يتم من قبل هواة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار عامري إلى أن التنصير تحول من منظور استشراقي إلى منظور يتركز في الوقت الحالي في الولايات المتحدة. وأكد أن التنصير ليس مجرد دعوة لتغيير الديانة، بل هو جزء من تداعيات أوضاع اجتماعية وسياسية أوسع تؤثر على العلاقة بين الديانات والمعتقدات في المجتمع.
جذور التنصير
جذور التنصير: تاريخ وتفاصيل
كشف الباحث سامي عامري، الذي يعنى بالمذاهب المعاصرة والأديان، عن جذور عمليات التنصير وكيف بدأت في تأثيرها. وذلك خلال حديثه عن ظاهرة التنصير وتأثيرها على المسلمين وسبل التصدي لها، ضمن حلقة من برنامج “موازين”.
أفاد الأستاذ بأن جذور التنصير يمكن تعقبها إلى دير كاثوليكي يُعرف باسم “دير كلوني” في جنوب فرنسا وشمال إسبانيا. من هذا الدير انطلق نحو 10 آلاف راهب لبدء عمليات التنصير بين المسلمين في الأندلس. وتركز هذه العمليات بشكل خاص خلال زمن ملوك الطوائف عندما ضعف المسلمون وانقسمت الخلافة. بعد ذلك، انتقلت هذه العمليات إلى العالمين العربي والإسلامي، ومن ثم إلى أفريقيا جنوب الصحراء.
وأوضح الباحث أن هذا التنصير كان يمثل جزءًا من حملات الصليبيين، حيث قاد ملوك الكاثوليك في أوروبا حملاتهم نحو العالمين العربي والإسلامي بتحفيز من هذه العمليات التنصيرية. كانت هذه العمليات تحظى بالدعم والتنظيم من الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية، في حين لم تكن للكنائس الأرثوذكسية دورًا فيها.
وأشار الباحث إلى أهمية الربط بين التنصير والاستشراق، حيث كانت الاثنتين تعتبران جزءًا من آنية واحدة. وتناول أيضًا دور مجمع فيينا الكنسي الذي قرر تأسيس أقسام أكاديمية في الجامعات الأوروبية لتوسيع المملكة المسيحية وتهديد الكفار، وهم المسلمون وغير المسيحيين.
في سياق مماثل، ذكر أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الكويت، خالد الباطني، بدايات عمليات التنصير في منطقة الخليج. أشار إلى أن الإرساليات التنصيرية الأميركية بدأت في المنطقة عام 1891، وركزت على تقديم خدمات صحية وتعليمية في البصرة والبحرين ومسقط والكويت. وعلى الرغم من فشل هذه الإرساليات في تحويل الناس إلى المسيحية، إلا أنها أثرت إيجابيًا في مجالات مثل الصحة والتعليم.