رأي آخر

تهوّر الصهاينة وحماقات ترامب: جراح العرب المفتوحة بعد غياب عبد الناصر وبومدين وصدام والقذافي

«لو بقي الأبطال أحياءً، لما وُطئت أرضنا بالخيانة والقواعد الأجنبية.»

لا يختلف اثنان على أن ما نشهده اليوم من انبطاح بعض الأنظمة العربية أمام إسرائيل والغرب، ما هو إلا ثمرة مرّة لمخطط إمبريالي طويل النفس، أُتقن غرسه وسُقي بمال النفط وأُحكم بغياب رجالٍ كبارٍ كنا نختلف معهم ولكننا لم نجرؤ أن نطعن في صدق عروبتهم.

لقد كان التهور الصهيوني الذي شجعه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بمثابة عود ثقاب أُشعل مجددًا في هشيم الأمة الممزقة، فازدادت جراحها عمقًا بعد غياب صناع الكرامة مثل جمال عبد الناصر وهواري بومدين وصدام حسين ومعمر القذافي، أولئك الذين، رغم اختلاف توجهاتهم وأساليب حكمهم، كانوا حائط صد أمام المشاريع الأمريكية–الصهيونية في المنطقة.

«من فقد فيصل وزايد، خسر السيادة وكسب قواعد أجنبية فوق أرضه.»

إن ما نجحت فيه الإمبريالية العالمية على مستوى الخليج والسعودية خصوصًا، ما كان ليحدث لو بقي فيصل بن عبد العزيز أو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على قيد الحياة؛ إذ لم تكن الأرض العربية لتتحول إلى قواعد عسكرية أمريكية مفتوحة، ولم يكن المال الخليجي ليتحوّل إلى أداة طيّعة لإعادة صياغة الخرائط والتحالفات بما يخدم عدو الأمة الأزلي.

ويكفي أن نسترجع صفحة من صفحات الخيانة التي دفع العرب ثمنها غاليًا حتى اليوم: ففي حرب يونيو 1967 يقال إن حسين بن طلال، ملك الأردن آنذاك، حلّق بطائرته بنفسه إلى مطار «بن غوريون» ليلتقي رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، وسلّمها خرائط توضّح أماكن تمركز الطائرات العسكرية المصرية. فكان أن باغت الطيران الإسرائيلي المطارات المصرية قبل أن تقلع منها الطائرات، فدُمّرت وهي رابضة على الأرض، مما ساهم في هزيمة يونيو النكراء. هذه الخيانة، التي طويت صفحاتها في كتب التاريخ الرسمي، لا تزال تتكرر اليوم بطرق أخرى، وإن بوجوه جديدة.

«في الجزائر بقيت جذوة العزة مشتعلة رغم كل الرياح.»

اليوم، تكاد الجزائر وحدها، على لسان رئيسها عبد المجيد تبون، أن تذكّر الجميع بأن في هذه الأمة بقية من شرف وكبرياء. قال تبون بوضوح: «الجزائر هي الجزائر رغم كل المستجدات.» رسالة موجزة لكنها تكفي لتعيد للأذهان أن هناك شعوبًا ترفض أن تُدار من الخارج، أو تُستخدم أدوات لحروب غيرها.

في الختام

إن بقاء الكيان الصهيوني متمادياً في الاستيطان والعدوان، واستمرار الانبطاح العربي الرسمي، لن يغيّرا حقيقة التاريخ: ستظل هذه الأرض عربية، وستظل الشعوب هي الفيصل الحقيقي ولو بعد حين. فالتاريخ لا يرحم الخونة، والكرامة لا تباع بثمن.

حمادي سيدي محمد آباتي

زر الذهاب إلى الأعلى