صحة

أطباء لبنانيون يصفون الهجمات على الرعاية الصحية بـ”الإبادة الصحية” ويدعون لمواجهة التطبيع

أكد أطباء لبنانيون في تعليق علمي حديث على ضرورة تصنيف التدمير المتعمد للخدمات والأنظمة الصحية خلال النزاعات المسلحة كعمل من أعمال الحرب تحت مسمى “الإبادة الصحية”.

وأشار الأطباء إلى أن على المتخصصين في المجال الطبي إدانة استخدام الرعاية الصحية كسلاح، والوقوف بحزم ضد أي محاولات لاستهداف العاملين والمرافق الصحية.

وكتب الدكتور جويل أبي راشد وزملاؤه في الجامعة الأميركية في بيروت، في تعليق نُشر بمجلة BMJ Global Health بتاريخ 5 أغسطس 2025، أن الصمت في مواجهة هذه الهجمات يعادل التواطؤ ويقوض القانون الإنساني الدولي، فضلاً عن الأخلاقيات الطبية والمهنية.

وشدد المؤلفون على أمثلة عدة من الصراعات، بما في ذلك السلفادور وأوكرانيا وسوريا، مع التركيز بشكل خاص على تأثير النزاعات المسلحة على الرعاية الصحية في لبنان وغزة.

أرقام صادمة عن استهداف العاملين في الرعاية الصحية

أظهرت بيانات وزارة الصحة اللبنانية أن الفترة بين 8 أكتوبر 2023 و27 يناير 2025 شهدت استشهاد 217 عاملاً في القطاع الصحي على يد الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى تضرر 177 سيارة إسعاف، وتسجيل 68 هجوماً على المستشفيات، ووقوع 237 هجوماً على خدمات الطوارئ الطبية.

في غزة، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023 عن مقتل 986 عاملاً صحياً، شملت 165 طبيباً، و260 ممرضاً، و184 مساعداً صحياً، و76 صيدلياً، و300 موظف إداري ودعم، إضافة إلى 85 فرداً من الدفاع المدني.

وأشار المؤلفون، وفق موقع يورك أليرت، إلى أن الهجمات لم تقتصر على المرافق الصحية فحسب، بل شملت أيضًا عرقلة الوصول إلى الرعاية الطبية، بما في ذلك منع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين أو تعرّضها لهجمات متعمدة. وأضافوا: “ما أصبح واضحاً هو أن العاملين في القطاع الصحي ومرافقهم لم يعودوا يتمتعون بالحماية التي يكفلها القانون الإنساني الدولي”.

الحياد الطبي على المحك

ندد المؤلفون بالصمت الكبير تجاه هذه الانتهاكات، حيث لم تبذل الجمعيات الطبية والمجلات المتخصصة جهوداً تذكر في رفض الاستهداف، بل اقتصرت ردود الفعل غالباً على تصريحات مقتضبة ومتأخرة.

وتساءلوا: “هل الأطباء مستعدون للتخلي عن مبدأ الحياد الطبي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فبأي ثمن؟”، مؤكدين أن تطبيع استخدام الرعاية الصحية كسلاح أصبح واقعاً مقلقاً في عالم تتغير فيه طبيعة الحروب، مع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة والروبوتات والأسلحة المحظورة دولياً.

وأوضح المؤلفون أن هذا التطبيع لم يعد مجرد ممارسة متكررة، بل يمكن اعتباره إبادة صحية، أي القتل المتعمد أو تدمير الخدمات والأنظمة الصحية لأغراض أيديولوجية، محذرين من أن تبرير هذه الأفعال يشكل سابقة خطيرة تشجع الانتهاكات المستقبلية وتقوّض مبدأ الحياد الطبي، الذي يمثل أساساً لضمان رعاية صحية إنسانية ونزيهة أثناء النزاعات.

ودعا المؤلفون العاملين في المجال الطبي إلى اتخاذ إجراءات عملية تشمل:

  • الدعوة إلى إنفاذ العدالة والقانون الإنساني الدولي.
  • توثيق وكشف انتهاكات الحياد الطبي من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية.
  • التفكير النقدي واتخاذ إجراءات حاسمة ضد تآكل وتطبيع استخدام الرعاية الصحية كسلاح.

وختموا بالقول: “الصمت في مواجهة هذه الانتهاكات يعني التواطؤ أو الموافقة أو التسامح مع ازدواجية المعايير، وكلها تتعارض بشكل واضح مع القانون الإنساني الدولي وأخلاقيات مهنة الطب”.

زر الذهاب إلى الأعلى