
تطرح الفوضى المتفاقمة في سوق الدواء الموريتاني تساؤلات ملحّة حول جدوى السياسات المعتمدة منذ عقود لضبط استيراد الأدوية وضمان جودتها، في ظل تحذيرات متكررة من أطباء وخبراء في دول الجوار بشأن خطورة الوضع.
فبحسب أطباء في السنغالوتونس والمغرب، يتمتع الكادر الطبي الموريتاني بخبرة أكاديمية معتبرة، غير أن استمرار دخول أدوية غير مطابقة للمعايير الدولية يضعف فعالية العلاجات ويقوّض ثقة المرضى.
ويؤكد هؤلاء أن موريتانيا تحتاج إلى مراجعة صارمة لآليات استيراد الدواء، بما يضمن توفر أدوية آمنة وفعّالة.
ورغم تصريحات وزارات الصحة المتعاقبة منذ استقلال البلاد بأنها تعتمد سياسات صارمة لاستيراد الأدوية الخالية من التزوير، إلا أنّ تعدد الموردين وغياب الضبط المحكم خلقا حالة من الفوضى في السوق، جعلت بعض الأدوية فاقدة للفائدة والفاعلية.
وفي محاولة لمعالجة الخلل، اتجهت الحكومة خلال السنوات الأخيرة إلى اعتماد سياسة جديدة تقوم على تمكين مركزية شراء الأدوية من احتكار عملية التوريد، بهدف ضمان جلب أدوية مطابقة لمعايير منظمة الصحة العالمية، وإبعاد السوق عن قبضة الموردين المتعددين.
لكنّ الواقع، بحسب مراقبين، يكشف أن شبكات التوريد ما تزال تعاني من اختلالات كبيرة، وأن جهود الحكومات المتعاقبة لم تنجح بعد في فرض الرقابة بالشكل المطلوب لضمان دواء سليم يصل للمواطن الموريتاني.
ومع تزايد الشكاوى من ضعف جودة الأدوية وغياب الرقابة داخل بعض المستشفيات، يعبّر المواطنون اليوم عن أملهم في اعتماد إصلاح جذري وحقيقي لقطاع الصحة، يقوم على سياسات واضحة وحازمة، لا تخضع للضغوط ولا تتسامح مع الفساد أو التلاعب بحياة الناس.









