كيف سيعيد تقرير البنك الدولي تشكيل السياسات الاقتصادية في موريتانيا؟

يمثل التقرير الاستراتيجي الذي أصدره البنك الدولي تحت عنوان “موريتانيا، النمو والتشغيل – تقرير 2025” محطة مفصلية في مسار صياغة السياسات الاقتصادية للحكومة الموريتانية خلال المرحلة المقبلة، نظراً لما تضمنه من تشخيص دقيق للتحديات الهيكلية واقتراحات إصلاحية قد تعيد رسم خريطة الأولويات الوطنية.
تحول مرتقب في النموذج الاقتصادي
يرجح متابعون أن التقرير سيشكل أرضية مرجعية لإعادة تقييم النموذج الاقتصادي القائم على الصناعات الاستخراجية، والذي أشار التقرير إلى أنه استنفد قدرته على تحقيق تنمية شاملة، بعد أن ظل أثر عائداته محدوداً على الفئات الأكثر هشاشة خاصة النساء والشباب.
ومن المتوقع أن تتجه الحكومة في إطار سياساتها الاستراتيجية المقبلة إلى:
- زيادة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية البديلة كالزراعة والصيد والصناعات الغذائية والخدمات.
- تطوير برامج التشغيل للحد من البطالة وتحسين مؤشرات الإدماج المهني.
- تحسين كفاءة الإنفاق العام وتوجيهه نحو المشاريع ذات المردودية الاقتصادية والاجتماعية المباشرة.
إصلاحات تشريعية وتنظيمية منتظرة
تؤكد مصادر اقتصادية أن الحكومة بصدد إطلاق حزمة إصلاحات تشريعية لتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات، انسجاماً مع توصية البنك الدولي بضرورة بناء إطار تنظيمي مستقر وشفاف.
وقد يشمل ذلك خلال الفترة القريبة:
- مراجعة قوانين الاستثمار والتحفيزات الضريبية.
- تقليص البيروقراطية وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات.
- تعميق الإصلاحات المتعلقة بالحوكمة ومكافحة الفساد.
رهان جديد على رأس المال البشري
يرجح أن يدفع التقرير نحو تعزيز الإنفاق على التعليم والتكوين المهني والصحة باعتبارها عناصر حاسمة لرفع الإنتاجية وتحسين القدرة التنافسية الوطنية، خصوصاً مع تزايد الحاجة إلى تأهيل موارد بشرية قادرة على اللحاق بالقطاعات المستقبلية مثل الاقتصاد الرقمي والطاقات المتجددة.
تنشيط القطاع الخاص شريكاً في التنمية
يشدد التقرير على ضرورة إطلاق القطاع الخاص باعتباره “قاطرة خلق فرص العمل”، وهو ما قد يترجم إلى اعتماد برامج شراكة بين القطاعين العام والخاص في البنى التحتية وقطاعات اللوجستيك والطاقة والنقل.
ويؤكد اقتصاديون أن هذه التوجهات قد تمثل بداية مرحلة انتقال اقتصادي من اقتصاد ريعي إلى نموذج إنتاجي متنوع ومستدام، يراهن على تقليل هشاشة الاقتصاد أمام تقلبات أسعار المواد الأولية والمخاطر المناخية.
خلاصة
إن تقرير البنك الدولي لا يمثل مجرد دراسة تحليلية، بل ورقة طريق لإعادة صياغة الأولويات الاقتصادية في موريتانيا، وإشارة واضحة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات هيكلية عميقة في اتجاه تنمية شاملة تستفيد منها أوسع الفئات الاجتماعية.









