ثقافة

مصر تستعد لافتتاح المتحف المصري الكبير.. حدث عالمي يعيد رسم المشهد الثقافي والسياحي عند أقدام الأهرامات

تترقب مصر والعالم بشغف حفل الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير يوم السبت 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، في مناسبة تاريخية تُسلّط الأضواء على منطقة الأهرامات، وتمنح الجيزة دفعة تنموية وثقافية غير مسبوقة. فالمتحف، الذي يعد الأكبر عالميا المخصص لحضارة واحدة، لا يمثل مجرد صرح أثري وسياحي، بل محطة تحول كبرى للاقتصاد المحلي وقطاع السياحة.

المتحف، الذي يمتد على مساحة 500 ألف متر مربع وتجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار، يحتضن أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة في قاعة مخصصة. وسيشهد الافتتاح عرضا بصريا استثنائيا بإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، وسط حضور رسمي رفيع المستوى من قادة وشخصيات عالمية.

رؤية عصرية لإحياء الحضارة الفرعونية

يوفر المتحف تجربة فريدة تستلهم عبق الماضي بلمسة تقنية حديثة؛ حيث تبدأ الرحلة بتمثال ضخم لرمسيس الثاني، ثم ينتقل الزائر عبر مسار تفاعلي مدعوم بشاشات وتقنيات عرض متقدمة تعيد سرد التاريخ المصري في تسلسل زمني حي. كما يضم المتحف قاعات عرض دائمة ومؤقتة، مركزًا تعليميًا، متحفًا للأطفال، سينما، ومركزًا للمؤتمرات إلى جانب مطاعم ومقاهي وحدائق مفتوحة.

تطوير شامل للمحيط الحضاري

لم يقتصر التطوير على المتحف فقط، بل شمل منطقة الجيزة بالكامل؛ حيث تم تجميل الشوارع، تزيين الواجهات بجداريات لملوك وملكات مصر القديمة، إنشاء ممرات ومسطحات خضراء، وإقامة ساحات انتظار ومرافق خدمية. كما جرى افتتاح بوابات جديدة لمنطقة الأهرامات وتطوير محاور الطرق الحيوية مثل محور المريوطية والمنصورية.

وتم خلال الأشهر الماضية إطلاق أعمال تشجير واسعة، وتزيين المناطق المحيطة بإضاءات فنية وإضافات جمالية، في مشهد يعكس الاستعداد لأكبر تظاهرة ثقافية تشهدها مصر منذ افتتاح قناة السويس الجديدة.

“الممشى الذهبي”.. تجربة سياحية متكاملة

ومن أبرز المشروعات المرتبطة بالمتحف “الممشى الذهبي” الذي يمتد لمسافة كيلومترين ويربط المتحف بمنطقة الأهرامات، متضمنا نقاط مشاهدة بانورامية، مقاهي واستراحات، وأكثر من 600 متجر للهدايا التذكارية. كما تحولت المنطقة إلى وجهة فندقية راقية مع افتتاح فنادق جديدة وتطوير أخرى، بأسعار متنوعة تستقطب السياح المحليين والأجانب.

منصّة استثمار عالمي

المتحف أصبح بوابة لمشروعات استثمارية كبرى، بينها مشروع ترفيهي عالمي بنموذج مشابه لـ”ديزني لاند”، وفندق عالمي بطابع فرعوني. وتستهدف مصر استقبال 5 ملايين زائر سنويًا، مع توقعات بجذب سياحة عالية الإنفاق، خصوصًا من المهتمين بالتاريخ والثقافة.

شبكة وصول حديثة

جهود كبيرة بُذلت لتأمين وصول ميسّر إلى المتحف عبر شبكة نقل متنوعة تشمل حافلات النقل العام، موقف الرماية الجديد، مشروع الأتوبيس الترددي BRT، ومحطة مترو قيد التنفيذ تربط 6 أكتوبر بالقاهرة الجديدة. كما جرى تطوير مطار سفنكس الدولي ليكون بوابة جوية رئيسية للمتحف، على بعد 20 دقيقة فقط من موقعه.

لمسات نهائية تليق بحضارة 7 آلاف عام

في الأيام الأخيرة قبل الافتتاح، اكتست شوارع الجيزة بالأضواء واللوحات الفنية الفرعونية، وأُعيد طلاء واجهات العقارات في محيط المتحف ضمن رؤية بصرية موحدة تعزز الهوية الحضارية للمكان. وتُضاء الأشجار على الطرق الرئيسية بألوان الليزر في مشهد احتفالي يليق بعظمة الافتتاح.

وبذلك، تستعد مصر لاستقبال العالم على أراضيها في احتفال يربط الماضي بالحاضر، ويضع المتحف المصري الكبير في صدارة الوجهات الثقافية على مستوى العالم، بوصفه تحفة معمارية وروحًا حضارية متجددة تنفض الغبار عن تاريخ مصر العريق وتقدمه بثوب معاصر يليق بمكانته.

زر الذهاب إلى الأعلى