صحة

دراستان متناقضتان حول فعالية حبوب “حاصرات بيتا” بعد النوبات القلبية

أظهرت تجربتان علميتان كبيرتان أن حبوب “حاصرات مستقبلات بيتا”، المستخدمة منذ عقود، لا تزال تقدم فوائد ملموسة لمرضى النوبات القلبية، حتى في ظل توفر العلاجات الحديثة القادرة على تقليل الأضرار الدائمة لعضلة القلب.

ورغم الاتفاق على أهمية هذه الأدوية، لا يزال الجدل قائمًا حول مدى استفادة جميع المرضى منها، إذ لم يُحسم بعد ما إذا كانت تفيد جميع الحالات أو تقتصر فعاليتها على فئات معينة من المرضى بعد الإصابة بالنوبة القلبية.

وقد عُرضت نتائج التجربتين المتناقضتين، أمس السبت، في مؤتمر عالمي لأمراض القلب عُقد في مدريد، ونُشرت تفصيلاتهما في دورية نيو إنجلاند الطبية.

وقال الطبيب بورخا إيبانيث، من مركز كارلوس الثالث الوطني لأبحاث القلب والأوعية الدموية في مدريد، والذي قاد إحدى التجربتين، إن “اختلاف نتائج الدراسات ليس أمرًا نادرًا، لكن من غير المعتاد أن تُعرض تجربتان بنتائج متباينة بوضوح في اليوم نفسه”.

وأوضح إيبانيث أن الأهم هو ما اتفق عليه الفريقان، وهو أن حاصرات بيتا تساعد في خفض خطر تكرار النوبات القلبية، وتقلل من احتمال قصور القلب أو الوفاة لدى المرضى الذين يعانون من ضعف بسيط في وظائف القلب دون أن يكون لديهم فشل قلبي واضح.

أما السؤال المحوري الذي لا يزال مطروحًا، فهو ما إذا كانت هذه الأدوية تقدم فائدة فعلية للأشخاص الذين تعمل قلوبهم بصورة طبيعية، وهم يشكلون نحو 80% من المرضى بعد أول نوبة قلبية.

وتُنتج هذه الفئة من الأدوية شركات عالمية مثل مايلان ونوفارتس وفايزر، وتعمل من خلال تثبيط هرموني الإبينفرين والنورأبينفرين، ما يؤدي إلى خفض معدل ضربات القلب وضغط الدم وتقليل العبء على القلب واحتياجاته من الأكسجين.

شملت الدراستان الجديدتان ناجين من نوبات قلبية يحتفظون بوظائف قلبية شبه طبيعية، حيث يضخ البطين الأيسر أكثر من 40% من الدم في كل نبضة، وتمت متابعة المشاركين لمدة قاربت 3 سنوات ونصف.

في تجربة Betami-DanBlock التي أجريت في النرويج والدنمارك بمشاركة 5574 متطوعًا، أظهرت النتائج أن حاصرات بيتا خفّضت خطر الوفاة أو تكرار النوبة القلبية بنسبة 15% مقارنة بمن لم يتناولوا الدواء.

في المقابل، جاءت نتائج تجربة Reboot –التي شملت 8438 مريضًا في إيطاليا وإسبانيامناقضة تمامًا، إذ لم تُظهر أي تأثير يُذكر للأدوية على معدلات الوفاة أو تكرار النوبات القلبية أو الدخول للمستشفى بسبب قصور القلب.

كما لاحظ الباحثون أن بعض النساء اللاتي يتناولن جرعات مرتفعة من حاصرات بيتا ويمتلكن وظائف قلب طبيعية قد سجلن نتائج عكسية مقارنة بغيرهن.

ومع ذلك، بيّنت التجربة نفسها أن المرضى الذين يعانون من ضعف طفيف في وظائف القلب شهدوا انخفاضًا في معدلات النوبات القلبية أو الوفاة بنسبة تراوحت بين 40 و49% عند تناول الدواء.

واختتم الدكتور إيبانيث حديثه بالتأكيد على أن “الرسالة الواضحة الآن هي أن حاصرات مستقبلات بيتا مفيدة بوضوح للمرضى الذين لديهم ضعف بسيط في وظائف القلب“، لكنه أضاف أن “هناك حاجة لمزيد من الدراسات لتحديد مدى فائدتها لمن تعمل قلوبهم بشكل طبيعي بعد الإصابة الأولى بالنوبة القلبية”.

زر الذهاب إلى الأعلى