بريطانيا تعترف بفلسطين.. خطوة تصحيحية أم مناورة سياسية؟

بينما يتصدر اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين عناوين الأخبار العالمية، تتباين ردود الأفعال بين من يراه مجرد خطوة رمزية لا تتجاوز حدود الورق، ومن يعتقد أنه قد يفتح نافذة لتحريك الملف الفلسطيني على الساحة الدولية. غير أن هذا الاعتراف لا ينفصل عن الإرث التاريخي البريطاني في فلسطين، بدءًا من وعد بلفور عام 1917، الذي شكّل أساسًا لسياسات الاستيطان والتهجير، وصولًا إلى قمع ثورات الفلسطينيين خلال فترة الانتداب.
هذا التحول في الموقف السياسي البريطاني يُقرأ في سياق عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد الدولي، وسط استمرار العدوان على غزة وتوسع الاستيطان في الضفة الغربية، وهو ما أشعل موجات تضامن عالمي ودعوات متصاعدة لوقف الحرب.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف اعتبر الاعتراف البريطاني خطوة مهمة، لكنه شدد على أن الأهم هو وقف الإبادة ومنع خطط التهجير، مشيرًا إلى أن العالم بات يرى إسرائيل دولة تهدد استقرار المنطقة بأسرها. ومن جهته، وصف السفير الفلسطيني لدى لندن حسام زملط الاعتراف بأنه “تصحيح لأخطاء الماضي” بعد قرن من الإنكار.
في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم الشوبكي أن الاعتراف، رغم أهميته، لا يلغي خطيئة وعد بلفور، لكنه قد يشكل بوابة لدول أخرى للاعتراف بفلسطين، خاصة مع تبدّل مواقف الرأي العام الأوروبي بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول. ويعتبر أن الفلسطينيين مطالبون باستثمار هذه الخطوة للضغط على الاحتلال عبر العقوبات وتعزيز مطلب السيادة والاستقلال.
أما الباحثة السياسية رلى شديد، فترى أن الاعتراف الحالي “مفرغ من مضمونه”، لأنه لا يترافق مع أي إجراءات عملية لوقف العدوان أو كبح الاستيطان، مؤكدة أن بريطانيا لا تزال من أبرز داعمي إسرائيل سياسيًا وعسكريًا. وشددت على أن المطلوب هو خطوات حقيقية كقطع العلاقات مع الاحتلال، وسحب الاستثمارات، وعزله في المؤسسات الدولية.
بين قراءات متباينة بين من يعتبر الاعتراف تصحيحًا تاريخيًا ومن يراه مناورة سياسية، يبقى السؤال: هل يمهّد القرار البريطاني لمرحلة جديدة في مسار القضية الفلسطينية، أم أنه مجرد محطة رمزية أخرى في مسار طويل من الوعود غير المنفذة؟