صحة

الكبد ودهون الكبد: كيف نحمي عضوًا حيويًا من الأمراض الصامتة

يعمل الكبد بصمت لكنه يؤدي وظائف حيوية لا غنى عنها، بدءًا من حماية الجسم من السموم وحتى استقلاب الدهون، إذ يُعد المركز الرئيسي لتصنيع الأحماض الدهنية والبروتينات الدهنية (الليبوبروتينات). لكن ماذا يحدث عندما تتراكم الدهون عليه، وهل قد يؤدي ذلك إلى أمراض خطيرة دون أن نشعر؟

وظائف الكبد الأساسية

أكد استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد الدكتور يوسف العجلوني أن الكبد عضو حيوي متعدد الوظائف، أبرزها:

  • إنتاج العصارة الصفراوية (Bile): تحتوي على أملاح وكوليسترول وماء والبيليروبين والكهارل، وتساعد الأمعاء الدقيقة على تحليل الدهون وامتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون والكوليسترول.
  • تخثر الدم: عن طريق إنتاج العصارة الصفراوية التي تساعد على امتصاص فيتامين “ك” الضروري لمنع النزيف.
  • استقلاب الدهون والكربوهيدرات: تخزين الكربوهيدرات على شكل غلايكوجين وتحويلها إلى غلوكوز عند الحاجة، وتحليل الدهون لتسهيل امتصاصها.
  • تخزين الفيتامينات والمعادن: مثل A، D، E، K، B12، بالإضافة إلى الحديد والنحاس.
  • استقلاب البروتينات وتنقية الدم وتعزيز المناعة: إنتاج الألبومين والهرمون الأنغيوتنسينوجين الذي يساهم في تنظيم ضغط الدم.

تراكم الدهون على الكبد

وجود كمية محدودة من الدهون في الكبد أمر طبيعي، لكن تراكمها بنسبة أكثر من 5% إلى 10% من وزن الكبد قد يشير إلى وجود مرض. وتنقسم دهون الكبد إلى نوعين:

  1. الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD):
    • الكبد الدهني البسيط: تراكم الدهون بدون التهابات أو تلف خلايا.
    • التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH): تراكم الدهون مع التهاب وتلف خلايا الكبد، قد يؤدي إلى تليف الكبد.
  2. الكبد الدهني الكحولي (ALD): نتيجة الإفراط في شرب الكحول، وقد يتطور إلى تليف الكبد إذا استمر الشخص في الشرب.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة

أوضح الدكتور العجلوني أن بعض الفئات تكون أكثر عرضة، مثل:

  • المصابون بالسمنة أو زيادة الوزن.
  • مرضى السكري مع مقاومة الإنسولين.
  • الأشخاص الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول.
  • المصابون بمتلازمة التمثيل الغذائي.
  • من لديهم تاريخ عائلي لمرض الكبد الدهني، أو النساء بعد انقطاع الطمث.
  • حالات نادرة: التعرض لبعض الأدوية مثل الستيرويدات وتاموكسيفين، بعض أدوية العلاج الكيميائي، الاضطرابات الوراثية، أو في أواخر الحمل (تسمى تشحّم الكبد الحملي).

الأعراض والتشخيص

غالبًا لا يسبب الكبد الدهني أعراضًا واضحة، لكن في الحالات المتقدمة قد تظهر:

  • آلام أو امتلاء البطن.
  • الغثيان وفقدان الشهية والوزن.
  • الضعف العام واليرقان (اصفرار الجلد وبياض العينين).
  • انتفاخ البطن والساقين، والتعب الشديد.
  • ارتباك جسدي في الحالات المتقدمة.

ويتم التشخيص عادةً من خلال: التاريخ المرضي، الفحص السريري، التحاليل المخبرية، وتصوير الكبد بالألتراساوند، وقد يلجأ الطبيب أحيانًا إلى الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لتقييم أدق، وفي بعض الحالات خزعة الكبد لتحديد مدى الالتهاب أو التليف.

المضاعفات المحتملة

يشرح استشاري الأمراض الباطنية الدكتور باسل الخالدي أن تراكم الدهون قد يتطور من مرحلة تراكم الدهون البسيط إلى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، ومن ثم إلى تليف الكبد، وأحيانًا إلى تشمع الكبد، الذي يرتبط بزيادة خطر سرطان الكبد، فشل الكبد، ارتفاع ضغط الدم البابي، وقد يتطلب زراعة كبد.

العلاج والوقاية

لا يوجد دواء معتمد لعلاج دهون الكبد مباشرة، لكن يعتمد العلاج على:

  • تحسين نمط الحياة: خسارة 7–10% من الوزن تؤدي إلى تحسن وظائف الكبد.
  • السيطرة على الأمراض المزمنة: السكري، ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول.
  • الامتناع عن الكحول وممارسة النشاط البدني المنتظم.
  • أدوية تحت إشراف طبي: لمعالجة مقاومة الإنسولين أو خفض الدهون الثلاثية عند الحاجة.
  • النظام الغذائي: يفضل اتباع نظام البحر الأبيض المتوسط، مع التركيز على الخضار، زيت الزيتون، الأسماك، والمكسرات، وتقليل الكربوهيدرات المكررة والدهون المشبعة.
  • التمارين الرياضية: المشي السريع 30 دقيقة يومياً، تمارين المقاومة والكارديو لتحسين حساسية الإنسولين وتقليل دهون الكبد حتى بدون فقدان كبير في الوزن.

كما يُنصح بإجراء فحوص دورية لوظائف الكبد، تجنب الأدوية أو المكملات دون استشارة، والحفاظ على نوم جيد وتقليل التوتر للحفاظ على صحة الكبد بشكل غير مباشر.

زر الذهاب إلى الأعلى