إثيوبيا تطلق مشروع مطار بيشوفتو الجديد لتعزيز مكانتها كمركز جوي أفريقي

في خطوة اقتصادية نوعية تُعد من أبرز الإنجازات بعد مشروع سد النهضة، وقّعت الحكومة الإثيوبية اتفاقية مع بنك التنمية الأفريقي لتسهيل الأنشطة المالية الخاصة بمطار بيشوفتو الجديد، المزمع إقامته على بُعد 40 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة أديس أبابا.
وبموجب الاتفاق، سيتولى بنك التنمية الأفريقي إدارة الجوانب المالية للمشروع الذي يُنفذ على خمس مراحل، بتكلفة إجمالية تُقدّر بـ10 مليارات دولار، ويُتوقع أن يستوعب أكثر من 100 مليون مسافر سنوياً، ليصبح أحد أكبر المطارات عالميًا، مزوداً بأربع مدرجات ومرافق متطورة للركاب والبضائع.
مركز جوي قارّي متكامل
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، أكد المدير التنفيذي للخطوط الجوية الإثيوبية، مسفن طاسو، أنّ المطار سيكون الأكبر في أفريقيا عند اكتماله عام 2029، مشيراً إلى أنه سيحتوي على مواقف لـ270 طائرة، ويُشكل مركزًا جوياً قارياً يعزز الربط الإقليمي والدولي، ويحوّل أديس أبابا إلى محور رئيسي للنقل الجوي في القارة.
وأوضح طاسو أن المشروع يُنفذ على مرحلتين: الأولى تستهدف استيعاب 60 مليون مسافر سنوياً، والثانية توسعية لرفع الطاقة إلى أكثر من 100 مليون مسافر، مع تصميم يراعي الهوية الإثيوبية ليصبح رمزاً معمارياً عصرياً ومستداماً.
دوافع استثمارية واستراتيجية
يأتي المشروع مع اقتراب مطار بولي الدولي من بلوغ سعته القصوى البالغة نحو 25 مليون مسافر سنوياً، ويشكل جزءًا من خطة إثيوبيا لعام 2035، التي تهدف إلى مضاعفة حجم الركاب والبضائع، وترسيخ مكانة الخطوط الجوية الإثيوبية ضمن أفضل 20 شركة طيران عالمياً.
وفي هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي لشركة “براغما كابيتال”، مريد فقريوهانس، إن الاستثمار البالغ 10 مليارات دولار لا يقتصر أثره على الاقتصاد الإثيوبي فحسب، بل يمتد للاقتصاد الأفريقي، باعتبار الخطوط الجوية الإثيوبية حلقة وصل رئيسية تربط القارة ببقية العالم.
وأشار إلى أن صناعة الطيران تمثل نحو 67% من الناتج المحلي الإثيوبي، الذي يبلغ حوالي 117 مليار دولار، بينما حققت الخطوط الجوية الإثيوبية إيرادات تُقدّر بـ8 مليارات دولار في السنة المالية الأخيرة، مما يعزز جدوى المشروع.
توسّع الأسطول وتلبية الطلب المستقبلي
يمتد المشروع على مساحة 3975 هكتاراً في مدينة بيشوفتو، ويهدف إلى تلبية الطلب المستقبلي على السياحة والاستثمار، لا سيما بعد أن أصبح مطار بولي غير قادر على مواكبة النمو المتسارع.
وتملك إثيوبيا حالياً نحو 160 طائرة، وتسعى لمضاعفة الأسطول ليصل إلى 275 طائرة بحلول 2030، في إطار خطة استراتيجية لدعم نمو حركة النقل الجوي والبضائع.
أهداف اقتصادية واجتماعية
يسعى مشروع مطار بيشوفتو إلى تحقيق أهداف استراتيجية واقتصادية متعددة، تشمل تعزيز مكانة إثيوبيا كمركز جوي أفريقي، دعم توسّع الخطوط الجوية الإثيوبية، جذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب تقديم خدمات حديثة ومتطورة للمسافرين والبضائع.
كما يهدف المشروع إلى دعم التكامل القاري، وجعل قطاع الطيران الأفريقي أكثر قدرة على المنافسة عالميًا، وترسيخ دوره كرافعة للتنمية والتواصل بين شعوب القارة.
مؤشرات النمو والربحية
تشير بيانات الخطوط الجوية الإثيوبية إلى نقل نحو 15 مليون راكب دولي و4 ملايين راكب محلي بين يوليو/تموز 2024 ويوليو/تموز 2025، بزيادة 11% عن العام السابق، فيما ارتفعت الإيرادات إلى 7.6 مليارات دولار، بزيادة 8%.
ورغم التحديات الاقتصادية مثل التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة، يبدي فقريوهانس تفاؤله، مؤكداً أن الخطوط الجوية الإثيوبية تُعد “دولة داخل دولة” بسبب حجمها المالي واللوجستي، واستقلال تصنيفها الائتماني، ما يمنحها قدرة قوية على تعبئة الموارد وتنفيذ مشروع مطار بيشوفتو.
حلم بيشوفتو
يتطلع أكثر من 120 مليون إثيوبي إلى أن يسهم المشروع في تشغيل آلاف العمال، وتحويل المطار إلى مركز ترانزيت أفريقي يعزز حركة السياحة والأعمال، مع توفير مرافق استقبال حديثة تعكس صورة مشرقة للبلاد.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد العاملين في الخطوط الجوية الإثيوبية من 17 ألفاً إلى أكثر من الضعف، مع ربط المطار بشبكات طرق وسكك حديد حديثة تسهّل حركة الركاب والبضائع، وتدفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات.