تحسن الريال اليمني يثير جدلاً واسعاً.. المواطنون بلا استفادة والأسعار تراوح مكانها

يشهد الريال اليمني منذ نحو أسبوع تحسناً ملحوظاً أمام الدولار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، لكن هذا التعافي لم ينعكس بشكل فعلي على حياة المواطنين، الذين ما زالوا يواجهون غلاء المعيشة في بلد يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية عالمياً.
تحسن سريع للعملة
قفزت قيمة الريال بنسبة تقارب 44%، إذ تراجع سعر صرف الدولار إلى نحو 1600 ريال مقارنة بـ2900 ريال قبل أسبوع فقط. ويعزى هذا التحسن إلى حملات مكثفة أطلقها البنك المركزي اليمني شملت إغلاق أكثر من 50 شركة ومنشأة صرافة في محافظات عدة، أبرزها العاصمة المؤقتة عدن.
ورغم أن هذا التحسن بث حالة من التفاؤل بين المواطنين، فإن الأسواق بدت عاجزة عن مواكبته. فقد انخفضت أسعار بعض السلع بنسبة تراوحت بين 15% و35% فقط، بينما بقيت أسعار سلع وخدمات أخرى على حالها، ما دفع شريحة واسعة من السكان إلى المطالبة بتخفيضات تصل إلى 50% بما يتناسب مع قوة العملة الجديدة.
ارتباك في الأسواق
السلطات الحكومية أطلقت حملات للرقابة على الأسعار واحتجزت بعض التجار والصرافين المخالفين، غير أن الكثير من المتاجر أغلقت أبوابها بسبب عدم قدرتها على التكيف مع التغير المفاجئ في سعر الصرف.
المواطن فواز الصلوي من تعز عبّر عن خيبة أمله قائلاً: “تحسن الريال منحنا أملاً قصيراً، لكن الأسعار لم تنخفض كما يجب، وما زلنا غير قادرين على تلبية احتياجات أسرنا الأساسية”. وأوضح أن دخل الموظف لم يعد يكفي سوى للضروريات القصوى، في وقت يعاني فيه اليمنيون من نقص الغذاء والمساعدات.
أما عبده العديني، وهو موظف في شركة خاصة، فأكد أن ارتفاع قيمة الريال انعكس سلباً على الأسر التي تعتمد على تحويلات المغتربين، قائلاً: “قبل التحسن كنت أنفق ما يعادل 10 دولارات يومياً، أما الآن فأصرف أكثر من 15 دولاراً بسبب فوضى الأسعار”.
ضغوط على التجار وتوقف في الاستيراد
التجار بدورهم يواجهون مأزقاً صعباً. زياد أحمد، وهو صاحب ثلاثة محال تجارية في تعز، أوضح أن الارتفاع المفاجئ للعملة أربك السوق، خاصة مع غياب آليات واضحة من البنك المركزي لتنظيم عمليات البيع والشراء. وأضاف: “نجد أنفسنا بين خيارين أحلاهما مر: إما البيع بخسارة أو التوقف عن العمل. والأخطر أن الاستيراد توقف تقريباً بسبب غياب النقد الأجنبي لتغطية الالتزامات”.
حاجة لإصلاحات أعمق
الباحث الاقتصادي وفيق صالح اعتبر أن هذا التحسن، رغم أهميته، لا يزال هشاً، مشيراً إلى أن ثقة المواطنين والتجار بالحكومة ضعيفة نتيجة تجارب سابقة من التذبذب. وقال إن “المضاربين بالعملة ما زالوا قادرين على التحكم في مسار السوق”، داعياً الحكومة إلى اتخاذ خطوات جادة للحد من نفوذهم وتنظيم سوق الصرف بشكل أكبر.
وشدد صالح على أن التحدي الحقيقي يكمن في ربط تحسن العملة بتحسن المستوى المعيشي، عبر رقابة صارمة على الأسعار، ومعالجة الملفات الاقتصادية العالقة مثل عجز الموازنة وضعف الموارد وتفعيل المؤسسات الاقتصادية المعطلة.
واقع يثير القلق
وبينما يرى خبراء أن استقرار الريال ممكن إذا تواصلت إجراءات البنك المركزي ورافقها إصلاح اقتصادي شامل، يبقى المواطن اليمني في انتظار أن يلمس هذا التحسن على أرض الواقع. فالتعافي النقدي، ما لم يترافق مع انخفاض فعلي للأسعار وتوفير فرص عمل، سيظل في نظر الكثيرين مجرد “أمل قصير المدى”.