رأي آخر

ندوة حول : “أثر الامتحان بين نشوة النجاح وصدمة الإخفاق”

في إطار رسالته الهادفة إلى دعم النقاش التربوي وترسيخ الوعي المجتمعي بضرورات إصلاح المنظومة التعليمية، نظم مركز الدراسات والأبحاث التربوية، بالتعاون مع الاتحادية الوطنية لرابطات آباء التلاميذ والطلاب، ندوة فكرية تحت عنوان:
“أثر الامتحان بين نشوة النجاح وصدمة الإخفاق”، وذلك يوم الجمعة الموافق 25 يوليو 2025، في قاعة ملعب لكصر بالعاصمة نواكشوط.

الحضور والمشاركون:

اتسمت الندوة بحضور نوعي ثري، جمع نخبة من الأساتذة الجامعيين، والخبراء التربويين، والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، إلى جانب أولياء الأمور وممثلي الفاعلين في الحقل التربوي، ما يعكس تنامي الوعي بأهمية قضايا التقييم والنجاح المدرسي، وآثار الرسوب السلبية على المتعلم والأسرة والمجتمع.

محاور النقاش:

توزعت مداخلات المشاركين على ثلاثة محاور أساسية، شكلت إطارًا علميًا شاملاً للنقاش:

  1. التداعيات النفسية والاجتماعية لنتائج الامتحانات:
    تناول الأخصائيون النفسيون والاجتماعيون التأثير العميق لنتائج الامتحانات على الحالة النفسية للطلاب، مشددين على أن الإخفاق قد يقود إلى العزلة أو حتى الانقطاع عن الدراسة، في ظل غياب الدعم التربوي والنفسي المناسب. ودعوا إلى ضرورة اعتبار الفشل الدراسي تجربة قابلة للتجاوز لا وصمة دائمة.
  2. تقييم نظام التقويم التربوي الحالي:
    سلط التربويون الضوء على الطابع الكمي السائد في نظام التقييم، المتمثل في الاعتماد شبه الكامل على الامتحانات النهائية كأداة وحيدة للحكم على أداء التلميذ، ما يتجاهل الفروقات الفردية ويقصي القدرات المتنوعة للمتعلمين. واعتُبر هذا التوجه أحد العوامل المساهمة في تعزيز الشعور بالإحباط لدى الطلاب.
  3. آليات دعم الطلاب خلال فترة الامتحانات:
    تم عرض مجموعة من المقترحات العملية الكفيلة بتهيئة الطالب نفسيًا وتربويًا خلال فترات التقويم، من بينها:
    • تفعيل الإرشاد التربوي داخل المؤسسات التعليمية،
    • تنظيم ورش توعوية لأولياء الأمور،
    • اعتماد برامج دعم نفسي تراعي احتياجات التلاميذ أثناء التحضير للامتحانات.

التوصيات:

اختُتمت أعمال الندوة بجملة من التوصيات العملية التي جاءت ثمرة للنقاشات المستفيضة، وكان من أبرزها:

  • إصلاح منظومة التقييم التربوي، بحيث تصبح أكثر عدالة وشمولية، تأخذ في الاعتبار مختلف الأبعاد المهارية والمعرفية والنفسية للتلميذ.
  • دمج البعد النفسي في السياسات التعليمية، من خلال توظيف الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في المدارس بشكل منتظم.
  • تكوين الطواقم التربوية حول استراتيجيات الدعم النفسي وتقنيات التحفيز الإيجابي.
  • تعزيز دور الأسرة في مرافقة التلميذ، وتقديم الدعم العاطفي والمعنوي طيلة مراحل التعلم.

في السياق الأوسع:

تندرج هذه الندوة ضمن البرنامج الدوري “نقاشات حول التعليم في موريتانيا”، الذي أطلقه مركز الدراسات والأبحاث التربوية بهدف خلق منصة دائمة للحوار التربوي، تجمع مختلف الفاعلين حول رؤية مشتركة لإصلاح التعليم وتوجيه السياسات نحو مدرسة وطنية عادلة، شاملة، وإنسانية.

خلاصة:

أبرزت ندوة يوليو الحاجة إلى تجاوز النظرة التقليدية للامتحان كآلية تصنيف بين “ناجح” و”راسب”، نحو مقاربة شمولية تُراعي الأبعاد النفسية والاجتماعية والتكوينية لهذه المحطة التربوية.
وقد كشف النقاش عن أدوار متشابكة يجب أن تؤديها المدرسة، والأسرة، والمجتمع من أجل دعم مسيرة المتعلم، بما يضمن تجاوز العقبات وتحقيق النجاح.

وأكدت الندوة أن الإصلاح التربوي لا يُختزل في تحديث المناهج أو تعديل الامتحانات، بل يتطلب رؤية إنسانية متكاملة، تعترف بأن التلميذ ليس مجرد متلقٍ للمعرفة، بل هو كائن نفسي اجتماعي يحتاج إلى بيئة تعليمية محفزة وآمنة.
وقد ساهم تنوع الخلفيات العلمية للمشاركين في إثراء النقاش، وإبراز الحاجة الملحة إلى حوار وطني صادق وشامل حول مستقبل التعليم في موريتانيا، حوارٍ يُعلي من قيمة المتعلم، ويعيد الاعتبار للمدرسة كحاضنة أساسية لبناء الإنسان وتنمية الوطن.

منسقية الإعلام والاتصال – مركز الدراسات والأبحاث التربوية

زر الذهاب إلى الأعلى