صحة

“مو بيب جين”: أداة ثورية تكشف الطفرات الجينية الخفية وتُحدث تحولًا في أبحاث السرطان والطب الدقيق

في إنجاز علمي لافت، طور فريق من العلماء أداة حوسبية متقدمة تُعرف باسم “مو بيب جين” (moPepGen)، تتيح الكشف عن الطفرات الجينية الخفية التي لم يكن بالإمكان رصدها سابقًا على مستوى البروتينات، وهو ما يمثل نقلة نوعية في أبحاث السرطان والأمراض التنكسية العصبية، ويعزز إمكانيات الطب الدقيق.

تعاون بحثي رفيع المستوى

جاء تطوير الأداة نتيجة تعاون مشترك بين باحثين من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) وجامعة تورنتو، ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature Biotechnology في 16 يونيو/حزيران، كما تناولها موقع “يوريك أليرت”.

فتح آفاق البروتوجينوميكس

تعالج الأداة الجديدة أحد التحديات الأساسية في مجال البروتوجينوميكس، وهو الربط بين الطفرات الجينية والتغيرات الفعلية في البروتينات. ويعد علم البروتوجينوميكس مجالًا متعدد التخصصات يجمع بين علم الجينوم وعلم البروتيوم، لفهم الصورة الجزيئية الكاملة للأمراض، من خلال دراسة تأثيرات الطفرات الجينية على البنية والوظيفة البروتينية.

أداة قوية تكشف ما كان غير مرئي

أوضح الدكتور تشنغهاو تشو، باحث ما بعد الدكتوراه في قسم الوراثة البشرية بـUCLA، والمشارك في إعداد الدراسة:

“طوّرنا مو بيب جين لمساعدة العلماء في تحديد المتغيرات الجينية التي تظهر فعليًا على مستوى البروتين، وهو أمر ظلّ يمثل تحديًا لفترة طويلة في هذا المجال”.

وأضاف:

“تعتمد أداتنا على نهج رسومي متقدم يتيح معالجة جميع أنواع التغيرات الجينية بدقة وكفاءة، ويوفر رؤية أعمق للتنوع البروتيني، ما يمنح الباحثين صورة أوضح حول كيفية تأثير الطفرات على الأمراض”.

قدرة تحليلية هائلة لتنوع جيني معقد

خلافًا للأدوات التقليدية التي تركز على طفرات بسيطة مثل الاستبدالات النقطية، فإن مو بيب جين قادرة على التعامل مع الطفرات الجينية المعقدة والمتعددة الأوجه، مثل اندماج الجينات والتغيرات الهيكلية الأخرى، من خلال نمذجة شاملة لكيفية ترجمة الجينات إلى بروتينات.

وقد اختبر الباحثون الأداة على بيانات مأخوذة من:

  • 5 أورام في البروستاتا
  • 8 أورام في الكلى
  • 376 سلالة خلوية بشرية

وأظهرت النتائج أن الأداة حددت أربعة أضعاف عدد المتغيرات البروتينية مقارنة بالطرق السابقة، بما في ذلك متغيرات كانت غير مرئية في السابق.

تطبيقات واعدة في العلاج المناعي

من أبرز استخدامات “مو بيب جين” إمكانيته في دعم العلاج المناعي للسرطان. حيث يمكنه التعرف على الببتيدات المتغيرة الخاصة بالأورام، والتي يمكن استخدامها في تصميم لقاحات سرطانية أو علاجات خلوية مخصصة عبر استهداف مستضدات جديدة.

مستقبل الطب الدقيق

أكد الدكتور بول بيتر، أستاذ الجراحة الوراثية في UCLA ومدير علوم بيانات السرطان في مركز جونسون للسرطان، أن هذه الأداة:

“تسد فجوة طالما واجهت الباحثين بين البيانات الجينية والتعبير البروتيني الفعلي، وتفتح آفاقًا واسعة في الطب الدقيق، وأبحاث الأمراض التنكسية، والسرطان، وغيرها من المجالات”.

متاحة عالميًا

وأشار الباحثون إلى أن “مو بيب جين” متاحة مجانًا للباحثين في جميع أنحاء العالم، ويمكن دمجها بسهولة في سير العمل الخاص بتحليل البروتينات، مما يجعلها أداة عملية وقابلة للتطبيق في مختبرات الأبحاث المتقدمة حول العالم.

خلاصة

تمثل أداة “مو بيب جين” طفرة نوعية في علم البروتينات الجينية، وتُعد خطوة مهمة نحو فهم أعمق لعلاقة الطفرات الجينية بأمراض معقدة مثل السرطان والزهايمر، مع توفير أدوات دقيقة للتشخيص والعلاج، ما يضعها في طليعة أدوات الجيل الجديد من الطب الجزيئي.

زر الذهاب إلى الأعلى