صحة

75 عاماً على أول عملية زرع كلية.. تطورات طبية وتحديات مستمرة في ألمانيا

قبل 75 عاماً، وتحديداً في 17 يونيو 1950، أجريت أول عملية زرع كلية من شخص لآخر في مستشفى صغير بضواحي شيكاغو الأمريكية. رغم نجاح العملية الأولية التي استغرقت 45 دقيقة وزرع خلالها الجراح ريتشارد إتش لولر كلية من متوفى لمريضة تبلغ من العمر 44 عاماً، إلا أن الجسم رفض العضو بعد عشرة أشهر، ما اضطر الأطباء لإزالته. ومنذ ذلك الحين، شهد مجال زراعة الكلى تقدماً طبياً كبيراً، إلا أن ألمانيا ما تزال تواجه تحديات متراكمة في هذا المجال بعد عقود.

من بين هؤلاء الذين استفادوا من زراعة الكلى، الألمانية بيتينا لانجه، التي أجرت عملية زراعة كلية جديدة في أوائل 2009 بعد معاناة طويلة مع أمراض الكلى وخضوعها لغسيل الكلى. وتقول لانجه: “لم أكن في حالة جيدة أثناء الغسيل، وأحياناً كانت حالتي تزداد سوءاً. أتمنى أن تستمر الكلية الجديدة في العمل حتى نهاية حياتي”. ويتطلب غسيل الكلى تنقية الدم خارج الجسم لأن الكليتين لا تفيان بوظيفتهما، ويخضع له في ألمانيا نحو 100 ألف شخص، عادة ثلاث مرات أسبوعياً لساعات تحت مراقبة طبية دقيقة، ما يبقيهم على قيد الحياة لكنه لا يعوض وظيفة الكلية بشكل كامل، ويؤدي لتدهور صحتهم تدريجياً.

في ألمانيا، يتم إجراء عمليات زرع الكلى منذ عام 1963، حيث أجرى الطبيبان فيلهلم بروسيش ورينهولد ناجل أول عملية زراعة كلية هناك، رغم وفاة المريضة بعد أيام قليلة، إلا أنهما حققا بعد ستة أشهر أول نجاح طويل الأمد مع مريضة أخرى تلقت كلية من والدتها. حتى اليوم، أُجريت آلاف عمليات الزرع، ويُسمح بالتبرع بالكلى من أشخاص أحياء من عائلة أو مقربين أو متعاطفين بشكل طوعي.

تجهيز المتبرعين والمتلقين يتطلب فحوصاً دقيقة لضمان توافق الأعضاء، كما يحتاج المتلقون إلى أدوية مثبطة للمناعة للحيلولة دون رفض الجسم للكلية المزروعة، مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى ويستلزم متابعة صحية دقيقة ونظاماً غذائياً خاصاً. في عام 2024، تم زرع 2075 كلية في ألمانيا، ثلثها من متبرعين أحياء، والباقي من متوفين.

من جانبه، يروي الألماني جيدو لامبرشت، الذي خضع لثلاث عمليات زرع كلى على مدى حياته، معاناته مع الفشل الكلوي منذ سن المراهقة. ويؤكد لامبرشت أن غسيل الكلى لم يكن عبئاً بل ضرورة تساعده على التعايش مع المرض.

رغم هذه الإنجازات، لا تزال ألمانيا تواجه نقصاً حاداً في عدد المتبرعين. ففي عام 2024، بلغ عدد المتبرعين المتوفين 953 شخصاً تبرعوا بـ2855 عضواً، من بينها 1391 كلية فقط، وهو معدل منخفض مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى. وتُدار عمليات توزيع الأعضاء من خلال وكالة “يورو ترانسبلانت” التي تجمع ثماني دول أوروبية، حيث تستقبل ألمانيا أعضاء أكثر مما تمنحها.

حتى نهاية 2024، كان نحو 6400 مريض على قائمة انتظار لزراعة كلية جديدة، فيما تقدر الحاجة الفعلية بحوالي 30 ألف مريض، ويبلغ متوسط فترة الانتظار للأشخاص بين 18 و64 عاماً حوالي سبع سنوات، بحسب دراسة أجريت في مستشفى جامعة كيل.

تعطي الأولوية للأطفال وكبار السن الذين يمكنهم الاستفادة من برنامج “كبار السن لكبار السن”، إلا أن فترة الانتظار الطويلة تعكس النقص الكبير في المتبرعين. ويرجع ذلك جزئياً إلى القانون الألماني الذي لا يسمح بالتبرع إلا بموافقة صريحة، مما دفع بعض السياسيين وفئات المجتمع إلى دعم تطبيق نظام “الاعتراض الضمني”، حيث يُعتبر كل شخص متبرعاً ما لم يعترض صراحة، وهو نظام مطبق سابقاً في ألمانيا الشرقية قبل توحيد البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى