دراسة تكشف آلية خفية وراء عدوانية ورم دماغي نادر يصيب الأطفال

كشفت دراسة علمية حديثة عن اعتماد خلايا الورم الجنيني ذو الزهيرات المتعددة الطبقات (Embryonal Tumor with Multilayered Rosettes)، وهو ورم دماغي نادر وعدواني يصيب الأطفال، على تغير جيني يُبقيها في حالة غير ناضجة ويُسهم في سلوكها العدائي.
أجرى الدراسة باحثون من مركز دانا فاربر/بوسطن لأورام الأطفال وأمراض الدم، بالتعاون مع معهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد، ونشرت نتائجها في مجلة Nature Cancer بتاريخ 26 مايو/أيار، كما أوردها موقع “يوريك أليرت”.
محاكاة النمو الدماغي المبكر
أظهرت الفحوص أن خلايا الورم تُحاكي مراحل النمو المبكر للدماغ، وتُكوّن تسلسلاً هرمياً من الخلايا الشبيهة بالخلايا الجذعية، والتي تُعرف بقدرتها على التجدد ومقاومتها العالية للعلاج الكيميائي والإشعاعي، إلى جانب خلايا أخرى تشبه العصبونات، تتميز بإمكانية الاحتفاظ بالنشاط الكهربائي لفترات طويلة.
وتعتمد الخلايا الجذعية السرطانية على إشارات توفرها الخلايا الأكثر نضجًا داخل الورم، مما يعزز بقاءها ونموها، ويؤكد دور التعاون الخلوي في استمرار الورم وتطوره. وتفتح هذه الآلية الباب أمام فرص جديدة لتطوير علاجات تستهدف هذا النوع من السرطان بشكل أكثر دقة وفعالية.
رؤية خلوية جديدة
وقالت الدكتورة مارييلا فيلبين، المديرة المشاركة لمركز أورام الدماغ في مركز دانا فاربر/بوسطن، إن الدراسة تقدم منظورًا غير مسبوق لفهم هذا الورم الفتاك من خلال تحليل تسلسل الخلايا المفردة، مضيفةً أن فهم كيفية تعاون الخلايا داخل الورم قد يفتح الطريق أمام تعطيل هذا التواصل في المستقبل كوسيلة علاجية.
آلية التعاون الخبيث
تشير الدراسة إلى أن مستقبلات “عامل نمو الأرومة الليفية” (FGFR) ومُستقبلات “نوتش” (NOTCH) تلعب دورًا محوريًا في تفاعل الخلايا السرطانية داخل الورم. فالمستقبلات FGFR، المعروفة بأدوارها الحيوية في نمو الخلايا، وNOTCH، التي تنقل إشارات قصيرة المدى تؤثر على انقسام الخلايا ومصيرها، تظهر بشكل خاص في الخلايا المشابهة للخلايا الجذعية العصبية.
وأوضح الدكتور فولكر هوفستاد، المشارك في الدراسة، أن الخلايا السرطانية الأكثر نضجًا داخل الورم تزود الخلايا الجذعية المستقبلية باللواقط الضرورية، مما يشير إلى تنسيق داخلي يعزز من نمو الورم. واستهداف هذا النوع من التفاعل الخلوي قد يمثل نقطة ضعف استراتيجية لعلاج المرض.
آفاق علاجية واعدة
الدراسة سلطت الضوء على إمكانيات إعادة استخدام مثبطات FGFR، والتي سبق أن اعتمدتها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، وقد أظهرت نتائج إيجابية أولية لدى أحد المرضى الخاضعين للعلاج التجريبي. وتدعو نتائج البحث إلى إجراء تجارب إضافية لاختبار فعالية مثبطات FGFR وNOTCH لدى مرضى الورم، في خطوة قد تُحدث تحولاً نوعيًا في العلاج.
خلاصة
تقدم هذه الدراسة مسارًا واعدًا لفهم طبيعة هذا الورم النادر، وتفتح آفاقًا جديدة لتطوير علاجات مستهدفة وأكثر فاعلية، ما يمنح الأمل لأطفال يعانون من واحد من أشد أنواع السرطان عدوانية في مراحل الطفولة المبكرة.