بدعم قطري وعربي.. سوريا تسعى لإنعاش قطاع الرياضة بعد سنوات من التدهور والإهمال

تعمل وزارة الرياضة والشباب السورية، بدعم عربي واسع وعلى رأسه دعم دولة قطر، على إعادة تأهيل القطاع الرياضي في البلاد بعد سنوات طويلة من الإهمال والتدهور، وبدء مرحلة جديدة عقب انهيار النظام السابق.
وأكدت الوزارة أن هناك تعاوناً ملموساً مع عدد من الدول العربية، لا سيما دولة قطر، في إطار جهود إعادة إحياء المنشآت الرياضية وتفعيل الأنشطة المختلفة.
وفي هذا السياق، أوضح جمال الشريف، نائب وزير الرياضة، خلال اجتماع عقده مع أعضاء من نادي الإعلاميين السوريين في قطر، أنه تم تشكيل لجنة مشتركة سورية-قطرية لبحث آليات إعادة تأهيل صالتين رياضيتين و5 ملاعب في محافظات سورية مختلفة.
وأشار إلى أن اللقاء شهد مناقشة العديد من القضايا التي تمس الواقع الرياضي، وطرح حلول عملية للنهوض بالبنية التحتية وتوفير بيئة ملائمة لنمو الأندية والاتحادات الرياضية.
تحركات دبلوماسية ومشاريع إصلاحية
من جانبه، قال مجد الحاج أحمد، مستشار وزير الرياضة والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، في حديث خاص للجزيرة نت، إن الوزارة تشهد حراكاً دبلوماسياً نشطاً على المستوى الإقليمي والدولي، يهدف إلى تطوير المنشآت ورفع الحظر المفروض على الرياضة السورية.
وأوضح أن الاتصالات بدأت مع أطراف إقليمية عبر وسطاء، وتطورت إلى لقاءات مباشرة، أبرزها اجتماع مع السفير القطري في دمشق، أعقبه زيارة رسمية إلى قطر تم خلالها تقديم دراسة متكاملة لتأهيل البنية التحتية الرياضية، بما في ذلك الملاعب والصالات والمرافق الرياضية.
وأضاف أن الوزارة تعد لزيارة رسمية قريبة إلى المملكة العربية السعودية من المتوقع أن تسفر عن توقيع تفاهمات جديدة، يتم حالياً إعدادها بالتنسيق مع الجانب السعودي، كما يجري التحضير لزيارة موسعة إلى تركيا بعد عطلة عيد الأضحى للاطلاع على التجربة التركية في مجال إدارة الأندية والاستثمار الرياضي.
تحديات كبيرة ورؤية إصلاحية شاملة
وتحدث الحاج أحمد عن حجم التحديات التي تواجه القطاع الرياضي في سوريا، مشيراً إلى أن معظم المنشآت إما مدمّرة أو تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العمل الرياضي.
وكشف أن الوزارة تعمل حالياً على وضع خطة لإعادة هيكلة الأندية على المستويين القانوني والإداري، إلى جانب دراسة أولية لإطلاق تجربة خصخصة الأندية الكبرى، كمرحلة تجريبية قابلة للتعميم لاحقاً.
وأكد أن هذه الخطوات تتم بتنسيق مباشر مع القيادة السورية، مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، لتفادي تكرار الأخطاء ومواءمة النماذج الخارجية مع الواقع السوري.
تحديات في الاستثمار وقيود قانونية
وفي ما يتعلق بالاستثمار الرياضي، أشار الحاج أحمد إلى وجود عوائق كبيرة، أبرزها عقود طويلة الأمد موروثة من المراحل السابقة، وصفها بـ”المجحفة” و”المذلة” في بعض الأحيان.
وقال: “نعمل على تفكيك هذه العقود تدريجياً بطريقة قانونية، بهدف تحرير الموارد المالية وتوفير قاعدة استثمارية تسهم في تنفيذ خطط الوزارة”، مشدداً على أهمية خلق بيئة استثمارية سليمة ضمن إطار قانوني واضح.
خطوات لرفع الحظر واستعادة الفعاليات الرياضية
وبشأن الحظر المفروض على الرياضة السورية، أوضح الحاج أحمد أن الوزارة أنجزت دراسة شاملة لتصنيف المنشآت الرياضية، تمهيداً لتقديمها ضمن ملف متكامل إلى الجهات المعنية، في مسعى لرفع الحظر الدولي.
وقال: “هناك مؤشرات إيجابية وفتح لقنوات التواصل مع أطراف دولية، ونأمل أن تثمر هذه الجهود في استعادة حق سوريا باستضافة الفعاليات والبطولات الرياضية”.
إرث ثقيل من الإهمال والدمار
وكان قطاع الرياضة في سوريا قد شهد تدهوراً ملحوظاً على مدى عقود، بسبب الإهمال، والفساد الإداري، وسوء التخطيط، فضلاً عن تدمير واسع النطاق للبنية التحتية خلال الحرب.
وأشار محمد الوليد، مسؤول رياضي في شمال سوريا، إلى أن أكثر من 70% من المنشآت الرياضية تعرّضت للتدمير الكلي أو الجزئي، بينما تحولت بعضها إلى مواقع عسكرية أو تم استخدامها كمراكز احتجاز.
وأكد أن القطاع الرياضي شهد فراغاً مؤسسياً بعد سقوط النظام السابق، مع هجرة ونزوح عدد كبير من الكفاءات والخبرات الرياضية، ما أدى إلى تعقيد جهود إعادة الإعمار.
وأضاف أن ضعف التمويل، وغياب ثقة المستثمرين، واستمرار بقايا النظام السابق في مواقع إدارية حساسة، ساهمت في عرقلة جهود الإصلاح واستنزاف الدعم الدولي، في ظل غياب شراكات فاعلة مع المؤسسات الرياضية الدولية.