واشنطن وبكين تسجلان “تقدماً كبيراً” في محادثات جنيف التجارية وسط مساعٍ لاحتواء التصعيد

أشاد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت بالتقدم المُحرز في المحادثات التجارية الجارية مع الصين، واصفًا اليوم الثاني من الاجتماعات المنعقدة في جنيف بـ”الإيجابي والمثمر”، مؤكداً أن “تقدماً كبيراً” تحقق في الملفات الخلافية بين الجانبين.
ويرأس بيسنت الوفد الأميركي في هذه الجولة من المفاوضات، بينما يتولى نائب رئيس الوزراء الصيني هو ليفينغ قيادة الوفد الصيني، في محادثات تسعى لتهدئة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، والتي تهدد بتداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي.
ومن المنتظر أن يدلي الوزير الأميركي بمزيد من التفاصيل حول مجريات الاجتماعات خلال اليومين القادمين.
وفي السياق ذاته، قال الممثل التجاري الأميركي إن النقاشات مع الجانب الصيني استمرت يومين وكانت “بناءة”، مشيرًا إلى أن حجم الخلافات “أقل مما كان يُعتقد”، وأعرب عن ثقته في أن الاتفاق المزمع “سيسهم في حل الأزمة التجارية” المستمرة.
من جانبه، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذه المحادثات “فرصة لإعادة ضبط العلاقات التجارية مع الصين بطريقة ودية ولكن فعالة”، مؤكداً في منشور له على منصة “تروث سوشيال” أن “الاجتماع في سويسرا كان جيدًا للغاية”، وأن الطرفين “ناقشا ملفات عدة وتوصلا إلى تفاهمات مهمة”، معرباً عن تطلعه إلى “مزيد من الانفتاح الصيني على الاستثمارات والشركات الأميركية”.
ورغم الإشادة، لم يقدم ترامب أو فريقه أي تفاصيل ملموسة بشأن ماهية التفاهمات أو القضايا التي تم حسمها خلال اللقاءات.
وجاء اختيار مدينة جنيف كمقر للمحادثات بناءً على اقتراح سياسيين سويسريين عقب زيارات رسمية إلى بكين وواشنطن، في محاولة لتوفير بيئة محايدة تساعد على تجاوز التوترات.
تصعيد متبادل يمهد للحوار
المحادثات تأتي بعد فترة من التصعيد المتبادل في الخطاب السياسي والإجراءات الاقتصادية، حيث سعى كل طرف إلى تصوير الآخر على أنه الأضعف والأكثر حاجة للتوصل إلى اتفاق.
لكن، بحسب محللين، يبدو أن الطرفين توصلا إلى قناعة بأن الوقت مناسب لاستئناف الحوار، دون أن يظهرا بمظهر المتراجع. وفي هذا الإطار، قال ستيفن أولسون، المفاوض التجاري الأميركي السابق والباحث الزائر في معهد يوسف إسحاق: “كلا الجانبين يعتقد أنه قادر على التحرك دون أن يُفهم ذلك كتنازل للطرف الآخر”.
وكان ترامب قد لمح قبل أيام إلى إمكانية خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الصين من 145% إلى 80%، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على بداية ليونة في الموقف الأميركي.
من جهتها، أكدت الخارجية الصينية أن الجولة الجديدة من المحادثات جاءت بطلب أميركي، في حين أوضحت وزارة التجارة الصينية أنها جاءت “استجابة مباشرة لنداءات الشركات والمستهلكين الأميركيين المتضررين من الحرب التجارية”.
لكن واشنطن قدمت رواية مغايرة، إذ قال ترامب إن “الصين هي من تسعى بشدة للتوصل إلى اتفاق بسبب تدهور اقتصادها”، مضيفًا بنبرة ساخرة: “إذا كانوا يدعون أننا من بدأنا هذه الجولة، فعليهم مراجعة أرشيفهم جيدًا”.
ومع استمرار اللقاءات، تبقى الأنظار موجهة إلى ما ستسفر عنه هذه الجولة، التي قد تشكل محطة مفصلية في مسار العلاقات الاقتصادية بين القوتين العالميتين.