شات جي بي تي: بداية عصر جديد في البحث عبر الإنترنت وتهديد لهيمنة غوغل


يبدو أننا نعيش في عالم يشبه إلى حد كبير لعبة “بورتال” (Portal)، حيث تقبع البطلة “تشيل” في بيئة معقدة تحت إدارة أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة مثل “غلادوس” (GlaDOS)، والتي تضع أمامها تحديات تتطلب القدرة على التكيف السريع والإبداع المستمر.
وفي ظل هذا العصر الرقمي سريع التغير، نجد أنفسنا في مواجهة عالم يعيد تشكيله الذكاء الاصطناعي. فتزداد الاختبارات اليومية التي تقيس مدى قدرتنا على التأقلم مع هذا التقدم المتسارع والإبداع في التعامل معه.
وفي قلب هذا التحول الرقمي، يأتي البحث عبر الإنترنت ليكون أداة أساسية في حياتنا اليومية. على مدى العقدين الماضيين، هيمن محرك البحث “غوغل” على هذا المجال، حيث استحوذ على نسبة 91.62% من السوق، وفقاً لأحدث إحصائيات منصة “ستات كاونتر” (Statcounter).
لكن مع ظهور “شات جي بي تي” من “أوبن إيه آي” (OpenAI) وتقديمه لأداة بحث مبتكرة، بدأنا نشهد بداية عصر جديد من المنافسة قد يعيد تشكيل خارطة البحث على الإنترنت.
عصر جديد من البحث التفاعلي مع “شات جي بي تي”
في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطلق “أوبن إيه آي” ميزة البحث الجديدة في واجهته الخاصة بـ”شات جي بي تي” (ChatGPT Search)، مما أحدث ضجة كبيرة في أوساط الذكاء الاصطناعي. الميزة تم دمجها بشكل مباشر في النسخة المدفوعة من “شات جي بي تي بلاس” (ChatGPT Plus)، التي يتراوح سعرها حالياً 20 دولاراً شهرياً، مع وعد من الشركة بإتاحتها للجميع في المستقبل القريب.
ووفقا لـ”أوبن إيه آي”، يعتمد البحث على مقدمي خدمات البحث من جهات خارجية بالإضافة إلى المحتوى المقدم مباشرة من شركاء، وهو ما يسمح له بتقديم إجابات في الوقت الفعلي باستخدام معلومات يتم جمعها من الويب. وبدلاً من الاعتماد فقط على بيانات التدريب الخاصة به، يتصفح “شات جي بي تي” الإنترنت لتقديم إجابات محدثة وملخصة من مصادر متنوعة.
تفاعل خبراء الذكاء الاصطناعي مع البحث الجديد
أعرب “كونر غرينن”، كبير مهندسي الذكاء الاصطناعي في كلية “ستيرن” بجامعة نيويورك، عن إعجابه بتجربة البحث الجديدة، حيث أشار إلى أن “بحث شات جي بي تي” يمثل تحولاً في معيار البحث عبر الإنترنت، معتبراً أنه يتفوق على “غوغل” من حيث السرعة وواجهة المستخدم.
ومن جهتها، أبدت “سابرينا رامونوف”، خبيرة الذكاء الاصطناعي، إعجابها باستخدام المصادر الموثوقة التي يعرضها “شات جي بي تي” في نتائجه البحثية، مشيرة إلى أنها تفضل تجربة البحث التفاعلي التي تقدمها أدوات مثل “شات جي بي تي” و”بربليكسيتي” (Perplexity).
هل يهدد “شات جي بي تي” هيمنة “غوغل”؟
في ضوء تزايد الإعلانات والمحتوى غير المرغوب فيه في نتائج “غوغل”، أصبح “شات جي بي تي” يوفر تجربة بحث أكثر وضوحاً وسلاسة. ورغم هذا التقدم، لا يزال “غوغل” يحتفظ بتوزيعه الهائل وسهولة استخدامه. وبالنسبة للعديد من الخبراء، لا يزال “غوغل” في موقف قوي، لكن يتعين عليه التكيف مع التغيرات السريعة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، بدأ “غوغل” في دمج ميزات الذكاء الاصطناعي في محرك البحث الخاص به، ليواكب المنافسة المتزايدة من “شات جي بي تي” و”بربليكسيتي”.
التحديات القادمة
على الرغم من الوعود التي تقدمها “أوبن إيه آي”، يبقى هناك بعض التحديات التي قد تواجه أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي”، مثل مشكلة “الهلاوس” (Hallucinations)، حيث قد يولد الذكاء الاصطناعي معلومات غير دقيقة. ومع استمرار تزايد استخدام هذه الأدوات، تزداد المخاوف من استهلاك الطاقة والتحيزات المحتملة في البيانات.
ختاماً، يظهر أن “شات جي بي تي” قد لا يكون بديلاً فوريًا لـ”غوغل”، ولكنه يمثل بداية عصر جديد من البحث التفاعلي الذي يهدد بتغيير كيفية تعاملنا مع المعلومات على الإنترنت.