3 سيناريوهات اقتصادية محتملة بعد الضربات الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية

في لحظة شديدة الحساسية للاقتصاد العالمي، شنت الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران، في خطوة من شأنها أن تُدخل المنطقة في دوامة تصعيد غير محسوبة العواقب. ووفقًا لتقرير وكالة “بلومبيرغ”، فإن الاستجابة الإيرانية المرتقبة ستكون عاملًا حاسمًا في تحديد حجم التأثيرات الاقتصادية العالمية المترتبة على هذا التصعيد العسكري.
أزمة جيوسياسية تهدد الاقتصاد العالمي
أجمعت كل من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي على خفض توقعاتهم للنمو العالمي في الأشهر الأخيرة، وسط مخاوف متزايدة من اضطرابات متعلقة بإمدادات الطاقة والتجارة الدولية.
ويُحذّر الخبراء من أن ارتفاع أسعار النفط والغاز، أو أي تعطيل في حركة الملاحة الدولية، قد يؤدي إلى تفاقم التضخم، ويضغط على الاقتصادات الكبرى التي تكافح بالفعل لتثبيت أسعار الفائدة وسط ركود محتمل.
أشارت “بلومبيرغ” إلى أن كل الأنظار تتجه حاليًا إلى ردّ إيران، والذي سيحدد ما إذا كان الصراع سيتجه نحو التصعيد الشامل أم سيظل ضمن دائرة الاحتواء. وكتب المحللون الاقتصاديون – بينهم زياد داود – أن “اتساع رقعة الصراع سيزيد من مخاطر اضطراب الأسواق، ويدفع بأسعار النفط نحو مزيد من الارتفاع، مع احتمال تسارع معدلات التضخم عالميًا”.
- ضرب البنى التحتية الحيوية للطاقة في الخليج العربي، ما قد يعيق الإنتاج والتصدير.
- إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 20% من صادرات النفط العالمية، باستخدام الألغام البحرية أو تكتيكات التحرش البحري.
ويُعد السيناريو الثالث الأكثر تطرفًا، وقد يؤدي – حسب خبراء – إلى رفع أسعار النفط لأكثر من 130 دولارًا للبرميل، مما يرفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى نحو 4% خلال الصيف، ويدفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلى التراجع عن أي تخفيضات مرتقبة في أسعار الفائدة.
تأثيرات دولية متباينة
على الرغم من أن الولايات المتحدة أصبحت مُصدِّرًا صافياً للنفط، إلا أن أي ارتفاع كبير في الأسعار سيزيد من الضغوط على الاقتصاد الأميركي، الذي يعاني أصلًا من تبعات الرسوم الجمركية المرتفعة التي أعادها الرئيس دونالد ترامب مؤخرًا.
أما الصين، بوصفها أكبر مستورد للنفط الإيراني، فستكون أول المتضررين من أي تعطيل في إمدادات الخام، رغم امتلاكها لمخزونات استراتيجية قد تُخفف مؤقتًا من آثار الانقطاع.
وفي الجانب الآخر، قد تُسجّل أوروبا ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الغاز، خاصة وأن قطر – المُصدّر الأبرز للغاز الطبيعي المُسال – تعتمد كليًا على مضيق هرمز في شحناتها، دون امتلاكها مسارات بديلة.
خيارات التهدئة لا تزال قائمة
ورغم المخاوف المتزايدة، يرى بعض المحللين أن هناك أدوات دولية لتفادي كارثة اقتصادية شاملة، من بينها:
امتلاك تحالف أوبك+، بقيادة السعودية، قدرة احتياطية كافية يمكن تفعيلها لزيادة المعروض النفطي.
إمكانية تنسيق وكالة الطاقة الدولية لإطلاق مخزونات الطوارئ بهدف تهدئة الأسواق.
وقال بن ماي، مدير الأبحاث الاقتصادية الكلية في “أكسفورد إيكونوميكس”، إن “التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تمثل صدمة سلبية إضافية لاقتصاد عالمي هشّ، وإن أي ارتفاع في أسعار الطاقة سيُعقّد مهمة البنوك المركزية في مكافحة التضخم دون خنق النمو”.
وتعتبر الضربة الأميركية على إيران سببا لفتح الباب أمام منعطف اقتصادي خطير، تتوقف تداعياته على خيار الرد الإيراني. فإما احتواء دبلوماسي يعيد الاستقرار النسبي، أو انزلاق نحو صراع مفتوح تتجاوز آثاره السياسية حدود المنطقة إلى النظام الاقتصادي العالمي بأسره.