وزارة الثقافة أمام انتقادات بشأن تنظيم التغطية الإعلامية لمهرجان مدائن التراث في وادان

تتولى وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الإشراف على تنظيم مهرجان مدائن التراث، الذي تنطلق فعالياته هذا العام في مدينة وادان التاريخية مساء الخميس، بحضور فخامة رئيس الجمهورية، إلى جانب عدد من أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين والبعثات الدبلوماسية المعتمدة، الذين وُجهت إليهم دعوات رسمية للمشاركة في هذا الحدث الثقافي الوطني البارز.
ومن المفترض، بحكم الاختصاص، أن تكون الوزارة قد أعدّت الترتيبات اللازمة لتنظيم التغطية الإعلامية للمهرجان، بما يضمن مشاركة المؤسسات الصحفية الوطنية وفق معايير واضحة، تكفل العدالة والشفافية وتتيح للصحفيين القيام بمهامهم المهنية في ظروف ملائمة.
غير أن عدداً من الصحفيين أفادوا بأنهم واجهوا ارتباكاً واضحاً في التنسيق الإعلامي، حيث صرّح المسؤول الإعلامي بالوزارة أن الوزارة لا تملك وسائل نقل كافية، داعياً الصحفيين إلى التنسيق مع مؤسسة المدن القديمة. في المقابل، نفت المؤسسة المعنية مسؤوليتها عن هذا الجانب، مؤكدة أن اختيار الصحفيين المنتدبين للتغطية، وما يترتب على ذلك من امتيازات معنوية ومادية، يدخل حصراً ضمن صلاحيات وزارة الثقافة.
ويأتي هذا التداخل في المسؤوليات قبل يومين فقط من الانطلاقة الفعلية للمهرجان، ما أثار استياءً واسعاً في الأوساط الإعلامية، خاصة وأن هذه الإشكالات ـ بحسب عدد من الصحفيين ـ تتكرر سنوياً، وترتبط بنفس المسؤول المكلف بملف الصحافة في الوزارة، الذي يُتهم بانتهاج سياسة إقصائية لا تخدم سوى دائرة ضيقة من الصحفيين المرتبطين به بعلاقات شخصية أو جهوية، أو بما وُصف بصفقات غير مهنية على حساب الصحفيين المستقلين.
ويستحضر المهنيون في هذا السياق ما حدث في نسخة شنقيط 2024، التي وُصفت بالفاشلة إعلامياً، نتيجة غياب الشفافية والعدالة في اختيار الطواقم الصحفية، إضافة إلى ما رافقها من احتقان في صفوف المشاركين، الذين أكد بعضهم أنهم لم يتلقوا أي دعم، رغم الوعود المعلنة من الوزارة آنذاك.
ويرى منتقدو هذا النهج أن سياسة التهرب من المسؤولية والتضييق على الصحفيين تسيء إلى صورة المهرجانات الثقافية الوطنية، وتُضعف الثقة بين القطاع الإعلامي والمؤسسات الوصية، داعين إلى تدخل الجهات الرقابية المختصة، وعلى رأسها مفتشية الدولة، للتحقيق في ما وُصف بوجود لوبيات فاسدة داخل الوزارة، عطلت مبادئ العدالة والشفافية في التعاطي مع الإعلام.
وفي الوقت الذي يُجمع فيه المتابعون على نزاهة معالي وزير الثقافة، المعروف بتواضعه وانفتاحه وعدم إقصائه لأي طرف، يؤكدون أن هذه الممارسات لا تخدم توجهاته ولا تنسجم مع توجيهات فخامة رئيس الجمهورية الداعية إلى ترسيخ الحكامة الرشيدة، وتقريب الإدارة من المواطنين، وضمان معاملة عادلة ومنصفة للصحفيين وفق معايير واضحة ومعلنة.
ويطالب المهنيون معالي الوزير باتخاذ إجراءات تصحيحية عاجلة، من بينها إعادة النظر في الطاقم المكلف بالتنسيق الإعلامي، وتعيين مسؤولين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة وروح المسؤولية، وقادرين على وضع آليات شفافة تضمن حق جميع الصحفيين في التغطية دون إقصاء أو تهميش.
ويحذر هؤلاء من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يهدد المشهد الإعلامي الوطني، ويقوض الدور المحوري الذي تلعبه الصحافة في مواكبة الفعاليات الثقافية الكبرى، بما يتعارض مع التوجهات الإصلاحية المعلنة من الدولة في مجال حرية الإعلام وتنظيمه.
محمد عبد الله محمدن









