اقتصاد

هل في جعبة تركيا أوراق ضغط اقتصادية ضد إسرائيل لم تستخدمها بعد؟

لقد قامت تركيا بتنفيذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية المتزايدة بهدف الضغط على إسرائيل لوقف الهجمات المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. رغم فشل الجهود الدبلوماسية والتهديدات السياسية، فإن أنقرة اعتمدت تدابير اقتصادية كوسيلة جديدة للضغط، تهدف إلى إجبار تل أبيب على وقف سلسلة العنف اليومي ضد الفلسطينيين.

أبرزت التدابير الاقتصادية التي اتخذتها تركيا، والتي تعتبر الأكبر من نوعها منذ بدء النزاع في قطاع غزة، في إعلان وزارة التجارة التركية – الأسبوع الماضي – تعليق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل بعد أن بلغ حجم التجارة الثنائية 9.5 مليار دولار. وأكدت تركيا أنها لن تتراجع عن هذا القرار إلا بعد ضمان تدفق غير متقطع وكاف من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وقد اتخذت تركيا سابقاً مجموعة من الإجراءات الاقتصادية ضد إسرائيل منذ بداية العدوان على قطاع غزة، بما في ذلك تقييد تصدير بعض المنتجات إلى إسرائيل وإلغاء الحجوزات الإلكترونية المسبقة لرحلات الخطوط الجوية التركية إلى إسرائيل حتى مارس/آذار 2025، بالإضافة إلى تعليق خطط التعاون في مجال الطاقة.

تعكس العلاقات التجارية القوية بين تركيا وإسرائيل نموًا ملحوظًا خلال العقود الماضية، حيث بلغت قيمة الصادرات التركية إلى إسرائيل نحو 7 مليارات دولار في عام 2022، مقارنة بـ 288 مليون دولار في عام 1995، بينما بلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا 2.33 مليار دولار في العام نفسه، مقارنة بـ 209 ملايين دولار في عام 1995.

تأتي تركيا كشريك تجاري سابع أهم لإسرائيل، بينما تأتي إسرائيل كشريك تجاري في المرتبة الـ 11 بالنسبة لتركيا.

من جانبه، قامت تركيا بتعليق خطط التنقيب عن النفط المشترك مع إسرائيل في البحر الأبيض المتوسط ​​وتصدير الغاز إلى أوروبا في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما ألغى وزير الطاقة التركي زيارته المقررة لإسرائيل، في خطوة استجابة للتوترات الناجمة عن الصراع في غزة.

تثير هذه الخطوات التصعيدية تساؤلات حول إمكانية فرض تركيا عقوبات اقتصادية أوسع نطاقًا تستهدف قطاعات الطاقة والنفط. وفي حالة فشل الدبلوماسية، قد تكون هذه الإجراءات الاقتصادية وسيلة فعالة لتحقيق الضغط على إسرائيل، بينما تسعى إسرائيل بدورها للرد بفاعلية عبر تعزيز علاقاتها مع الغرب واستغلال قدراتها اللوبية.

تقيد مسار النفط

أشار بغيش إلى أن النفط القادم من كازاخستان وأذربيجان وتركمانستان يصل إلى إسرائيل عبر تركيا باستخدام خطوط أنابيب باكو-سوبسا وباكو-تبليسي-جيهان، مما يقلل من قدرة إسرائيل على العثور على بدائل في الوقت الحالي. وأكد أن أي تقييدات تركية في هذا السياق قد تفرض تحديات كبيرة على إسرائيل في ظل التوترات الإقليمية المستمرة.

وفي سياق متصل، نبّه الباحث الاقتصادي رسول أكتورك إلى المخاطر المحتملة التي قد تواجه تركيا في قطاع الطاقة بسبب العلاقات المتوترة مع إسرائيل، حيث أشار إلى أن إسرائيل تنتج الغاز من حقلي تمار وليفياثان وتصديره إلى مصر، حيث يتم تسييله وبيعه كغاز مصري. وأضاف أن في عام 2022 وصلت حوالي 2.5 مليار متر مكعب من الغاز المصري إلى تركيا، وكان جزء منه من إسرائيل.

وأكد الباحث على أن هذا الوضع قد يمنح إسرائيل فرصة للضغط على تركيا من خلال الإمكانية المحتملة لتقييد إمدادات الغاز إلى تركيا، محذرًا من أن مثل هذه الخطوة قد تكون لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد التركي، مما يجعل تركيا في وضع ضعيف في حال تم قطع هذه الإمدادات.

ومن ناحية أخرى، حذر الخبير البحري الإسرائيلي يغال ماور من إمكانية عرقلة تركيا حركة المرور البحرية عبر المضائق الرئيسية في حال تصاعد التوترات، مشيرًا إلى الضعف الكبير الذي تواجهه شرايين الحياة التجارية لإسرائيل وضرورة وضع خطط طوارئ لمواجهة مثل هذه الأزمات. وأشار إلى أن عدد السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر تركيا قد انخفض بنحو 30%، حيث بلغ عددها 701 سفينة بين أكتوبر 2022 وديسمبر 2023، بمتوسط يومي حوالي 8 سفن.

زر الذهاب إلى الأعلى