تكنولوجيا

هل بدأت معركة الرقائق؟

بدأت منافسات استراتيجية في مجال الرقائق وأشباه الموصلات مع تقدم التكنولوجيا، حيث تعتمد تطورات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس وأسلحة المستقبل على هذه التقنيات.

تصاعدت المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في هذا القطاع الحيوي، بينما تسعى روسيا إلى الحصول على هذه التقنيات من خلال التحايل على العقوبات.

تعد هونغ كونغ محورًا مهمًا لهذه الصناعة، حيث تنتج شركات غربية رئيسية معظم الرقائق. الرقائق تستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات بدءًا من الهواتف وصولًا إلى الأسلحة والذكاء الاصطناعي، وتتطلب هذه الصناعة تكنولوجيا معقدة وتوجيهات لوجستية دقيقة. تتحكم فيها مجموعة قليلة من الشركات المصنعة المستقلة.

وتحظى بدعم كبير من الدول. الولايات المتحدة قد حددت هذا القطاع على أنه مهم من الناحية الاستراتيجية وحظرت الاستثمار في التقنيات الأكثر تطورًا من قبل الشركات الأمريكية. تهدف واشنطن إلى تقليل القدرات العسكرية للصين والحفاظ على تفوقها التكنولوجي.

اثنان من العمالقة

الولايات المتحدة والصين تتصدران مجال تصميم الرقائق، وهذه المرحلة تتضمن تحديد خصائص الدائرة المتكاملة، ولكن التصنيع والاختبار والتجميع تتم بشكل رئيسي في آسيا، وخاصة في تايوان، التي أصبحت متقدمة في مجال أشباه الموصلات. تحمل تايوان الخبرة والتفوق في تصنيع الشرائح الإلكترونية ذات الطول النانومتري الصغير (7 نانومترات أو أقل)، حيث تزيد قوة الشرائح مع انقسام الترانزستورين.

على الرغم من التقدم المبهر الذي أحرزته الصين، فإنها لم تتجاوز بعد هذه العتبة التكنولوجية الرئيسية. برغم خطتها الطموحة “صنع في الصين 2025” التي تهدف إلى تقليل اعتمادها على الدول الأجنبية واستثمار مليارات الدولارات، لا تزال تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الأجنبية.

تسيطر شركتان آسيويتان، سامسونج الكورية الجنوبية وشركة TSMC التايوانية، على السوق الرائدة في فئة أقل من 5 نانومتر. لكن شركة TSMC التايوانية تتصدر السوق وتمتلك نصفها تقريبًا وتنتج 92% من أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا. تعد TSMC اليوم جزءًا لا يتجزأ من اقتصاد تايوان، وتساهم بنسبة 15% تقريبًا في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتقدم خدمات لأكثر من 530 عميل من ضمنهم آبل وسوني وغيرهم من العملاقات.

درع السيليكون

الصراع العالمي حول صناعة أشباه الموصلات يشهد سيطرة أميركا والصين، وتعد هذه المرحلة الأولى من إنتاج الرقائق مهمة جداً حيث يتم تصميم الدوائر المتكاملة وتحديد خصائصها في الغالب في البلدين، بينما التصنيع والاختبار والتجميع يجريان أساساً في آسيا، بشكل خاص في تايوان.

“تي إس إم سي” تعتبر مؤسسة رئيسية في هذا القطاع ولديها القدرة على تأثير كبير على السوق. تمثل هذه الشركة الجزء الأساسي من “الدرع السيليكوني” الذي يحجب أي هجوم، ولكنها تواجه أيضاً تحديات كبيرة، حيث قامت الصين بنشر طائرات وصواريخ حول تايوان.

في مواجهة هذه المخاطر، بدأت الولايات المتحدة عملية إعادة التصنيع الشاملة لزيادة إنتاج الرقائق محلياً، وقامت بتوجيه الاستثمارات لبناء مصنع في ولاية أريزونا لإنتاج شرائح من فئة نانو، وتخطط لإنشاء مصنع ضخم بتكلفة 40 مليار دولار بحلول 2027.

بالإضافة إلى ذلك، الاتحاد الأوروبي يعتزم زيادة إنتاج الرقائق بنسبة 20% من الإنتاج العالمي بحلول عام 2030 من خلال حزمة تشريعية تحمل اسم “الاستقلال الإستراتيجي” بتكلفة تبلغ 100 مليار يورو.

هذا الصراع أدى بالفعل إلى تقييدات على الشركات الصينية وإدراجها في القائمة السوداء للولايات المتحدة، مما يتطلب تصاريح لتصدير التكنولوجيا الأمريكية، وشمل ذلك تايوان واليابان وهولندا، مما يشير إلى تصاعد حرب الصناعة.

زر الذهاب إلى الأعلى