صحة

هرمون اللبتين يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الحماض الكيتوني السكري

كشف تحليل جديد أجراه باحثون أميركيون أن إعطاء هرمون اللبتين – المعروف بدوره في تعزيز الشعور بالشبع – قد يمثل علاجًا واعدًا لإحدى المضاعفات الخطيرة الناتجة عن نقص الإنسولين، والمعروفة باسم الحماض الكيتوني السكري.

دور الدماغ في الحماض الكيتوني السكري

أظهر التحليل أن الدماغ يلعب دورًا محوريًا في تحفيز الحماض الكيتوني السكري. ويحدث هذا النوع من الحماض عندما يعجز الجسم عن إنتاج الإنسولين اللازم لاستخدام الغلوكوز (سكر الدم) كمصدر للطاقة، فيبدأ الجسم بتكسير الدهون للحصول على الطاقة، مما يؤدي إلى تراكم السكر والأحماض الكيتونية في الدم، وهو ما يشكل خطرًا على الحياة. عادةً، يلجأ الأطباء لإعطاء الإنسولين لمعالجة هذه الحالة.

اكتشاف اللبتين وتأثيره على الغلوكوز والكيتونات

تمكن فريق البحث من التوصل إلى دور اللبتين في علاج الحماض الكيتوني السكري عام 2011، عندما تم حقن هرمون اللبتين مباشرة في أدمغة جرذان وفئران مصابة بداء السكري من النوع الأول. في البداية لم يظهر تأثير واضح، لكن بعد أربعة أيام لاحظ الباحثون أن مستويات الغلوكوز والكيتونات في دم الحيوانات عادت إلى الوضع الطبيعي تمامًا، على الرغم من نقص الإنسولين الحاد المستمر.

وبعد عقد من الزمن، نشر الباحثون تحليلًا يوضح كيفية تأثير اللبتين على الدماغ وإمكانية استخدامه في العلاجات المستقبلية، وذلك في دراسة صدرت في الأول من أغسطس/آب في مجلة التحقيقات السريرية، وغطى الموقع العلمي يوريك أليرت نتائجها.

كيف يعمل اللبتين في الدماغ؟

يشرح الباحث المشارك الدكتور مايكل شوارتز، أستاذ الطب بقسم التمثيل الغذائي والغدد الصماء والتغذية في جامعة واشنطن، أن نقص الإنسولين يُرسل رسالة إلى الدماغ مفادها أن الجسم يفتقر إلى الطاقة، حتى وإن كانت المخزونات متاحة، ويرتبط هذا جزئيًا بانخفاض مستوى اللبتين.

ويضيف شوارتز: “إذا أمكن إقناع الدماغ بأن مخزونه من الطاقة لم يُستنفد، أو إيقاف نشاط بعض الخلايا العصبية التي تحفز إنتاج الغلوكوز والكيتونات، يتوقف الجسم عن التفاعل الذي يؤدي إلى ارتفاع حاد في سكر الدم وظهور الحماض الكيتوني السكري”.

ويؤكد شوارتز أن هذا النهج يمثل إطارًا جديدًا يختلف عن الاعتقاد السائد لعقود بأن نقص الإنسولين وحده هو سبب الحماض الكيتوني السكري، ويبرز الدور الحيوي للدماغ في نشوء داء السكري غير المسيطر عليه، مما يفتح الباب لعلاجات مبتكرة.

اللبتين وتنظيم الطاقة في الجسم

يُنتج اللبتين في الخلايا الدهنية وينتقل عبر الدم إلى الدماغ، تحديدًا إلى منطقة تحت المهاد، المسؤولة عن التحكم في الشهية وكمية الطعام المستهلكة. ويؤدي نقص اللبتين إلى تنشيط دوائر الطاقة التي تحفز إنتاج الغلوكوز والكيتونات.

ويصف المؤلف المشارك الدكتور إيرل هيرش، رئيس قسم علاج وتدريس مرض السكري في جامعة واشنطن، هذا الاكتشاف بأنه “أحد أكثر الاكتشافات إثارة في مسيرتي المهنية”، مؤكدًا أن التحكم في مستوى السكر عبر اللبتين قد يفتح آفاقًا جديدة لعلاج المرضى، خاصة مع وجود خبرته الشخصية في التعامل مع مرض السكري من النوع الأول منذ الطفولة.

وأضاف هيرش: “لا تسيئوا فهمي، فالاكتشاف التاريخي للإنسولين قبل 104 أعوام يعتبر من أعظم إنجازات القرن الماضي، لكن هذه خطوة جديدة قد تمثل طريقة أفضل لعلاج المرضى في المستقبل”.

زر الذهاب إلى الأعلى