نيجيريا: ضحية جديدة للاحتيال عبر “نظام بونزي”.. استثمارات تبخّرت في منصة عملات رقمية وهمية

لم يكن مانديلا فاداهونسي، الموظف في مدرسة للتدريب الفني بمدينة إكيجا النيجيرية، يتوقع أن يتحول في يوم من الأيام إلى ضحية لعملية احتيال معقّدة، تُدار بأسلوب “نظام بونزي” تحت غطاء الاستثمار في العملات الرقمية.
في صباح السادس من أبريل/نيسان، تلقى فاداهونسي رسالة مقلقة عبر مجموعة على تطبيق “واتساب” تضم مستثمرين في منصة “كريبتو بريدج إكستشينج” (CBEX)، أشار فيها أحد الأعضاء إلى تعذر سحب أمواله. فاداهونسي سارع إلى محاولة سحب 500 وحدة من عملة USDT، لكن عملية السحب، التي يُفترض أن تستغرق دقائق، لم تكتمل حتى بعد مرور 24 ساعة.
ورغم قلقه المتصاعد، تمسك فاداهونسي بالأمل، خاصة بعد أن طمأنه ممثلو المنصة بأن تأخير المعاملات يرجع إلى الضغط الكبير على الشبكة، مؤكدين أن السحب سيُستأنف في 15 أبريل/نيسان.
لكن الموعد مرّ دون أي تطور، وتوقفت المنصة عن الرد، ثم توقفت عن العمل بالكامل، تاركة خلفها آلاف الضحايا وأموالًا ضائعة. حينها أدرك فاداهونسي أنه خسر نحو 4596 USDT، ولم يكن الوحيد.
احتيال ممنهج
انتشرت أخبار انهيار المنصة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث شارك نيجيريون كثر تجاربهم المماثلة وخسائرهم الفادحة، في حين واجه البعض سخرية مجتمعية. وتطورت الأمور إلى احتجاجات غاضبة، حيث تعرّضت مكاتب CBEX في مدينتي لاغوس وإيبادان لهجمات من متضررين.
تأسست منصة “كريبتو بريدج إكستشينج” في نيجيريا خلال يوليو/تموز 2024، وادّعت أنها تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتوليد أرباح مرتفعة. وبحلول يناير/كانون الثاني، أصبحت المنصة تحظى بشهرة كبيرة بفضل الحملات الإعلانية المدروسة، ونظام الإحالات الذي عزز انتشارها.
كان المستثمرون، ومنهم فاداهونسي، يأملون في تحقيق عوائد تصل إلى 100% خلال 40 إلى 45 يومًا، وهو ما حدث بالفعل في المراحل الأولى، ما زاد من اندفاع الأفراد نحو الاستثمار. لكن بعد تسعة أشهر فقط، انهارت المنصة فجأة، واختفى معها ما يُقدّر بـ 1.3 تريليون نايرا (نحو 840 مليون دولار أميركي)، بحسب جهاز الاستخبارات المالية في نيجيريا.
تصنيف رسمي كعملية احتيال
أعلنت لجنة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية النيجيرية تصنيف المنصة ضمن أنظمة الاحتيال من نوع بونزي، التي تعتمد على جذب أموال المستثمرين الجدد لدفع أرباح للمستثمرين الأوائل، دون وجود أي نشاط تجاري حقيقي يدعمها. وما إن يتباطأ تدفق الأموال، حتى تنهار.
ووفقًا لإيكيمسيت إيفيونغ، الباحث في شركة SBM Intelligence، فإن هذه المنصات لا تملك أي منتجات أو خدمات فعلية، حتى عندما تزعم العمل في مجالات مثل الزراعة أو التكنولوجيا. وأضاف: “غالبًا ما تكون نماذجها الاقتصادية غير قابلة للتتبع، وتعتمد فقط على الترويج الكثيف والعوائد الوهمية”.
الجهل المالي وسهولة الانقياد
ويرى الخبراء أن ضعف الثقافة المالية، والطموحات الكبيرة لتحقيق أرباح سريعة، إلى جانب غياب القوانين الرادعة، تجعل الكثيرين عرضة لمثل هذه المخططات. كما تلعب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية دورًا كبيرًا في دفع الأفراد نحو المغامرة بمدخراتهم، أو حتى أموال مقترضة، دون وعي كافٍ بالمخاطر.
وفي النهاية، يجد الضحايا أنفسهم عاجزين، وقد تبخرت أموالهم، دون وجود آليات واضحة لاستردادها أو ملاحقة المسؤولين.









