الحكومة تنفي “مزاعم التنازل عن أي جزء من الحوزة الترابية ومزاعم الاحتلال مجرد أوهام!

في موقف رسمي صارم، نفت الحكومة الموريتانية، مجددًا، بشكل قاطع، وجود أي تنازل عن شبر من التراب الوطني، ووصفت الادعاءات المتداولة بهذا الخصوص بأنها “مضللة وخالية من الأساس الواقعي”، مؤكدة أن “الحوزة الترابية للبلاد مؤمنة بالكامل، وتخضع لسيطرة الجيش الوطني، ولا وجود لنقاش أو مساومة حول السيادة”.
وجاء تصريح الحكومة على لسان الناطق الرسمي، الحسين ولد مدو، خلال مؤتمر صحفي عقده مساء السبت، في رد مباشر على ما أثير مؤخراً من تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الجنرال المتقاعد والوزير السابق لبات ولد معيوف، والذي تحدث عن “وجود قوات أجنبية تحتل جزءاً من شمال البلاد”، في إشارة إلى مناطق قرب بئر أم كرين.
ولد مدو أكد أن “ما يُروّج بشأن وجود أجنبي داخل الحدود مجرد قراءة سياسية لا يدعمها أي دليل ميداني”، مشددًا على أن “وجود منشآت موريتانية مخصصة لخدمة الجاليات في بعض المناطق الحدودية لا يعني فقدان السيادة على الأرض”.
لكن الجنرال المتقاعد، وفي رد سريع عبر صفحته على فيسبوك، تمسّك بروايته وكتب: “أنا ثابت على موقفي، ومستعد لإثباته علناً أمام الصحافة والخبراء العسكريين والمدنيين”.
وهاجم ولد معيوف الناطق باسم الحكومة، واصفًا تصريحاته بأنها “محاولة للهروب إلى الأمام وتلميع لواقع لا يمكن تبريره”، ملوحاً بأنه “يتحدث بدافع وطني بحت، نابع من إحساس تاريخي بالمسؤولية تجاه الأرض التي دافع عنها الموريتانيون عبر القرون”.
وأضاف موجهاً كلامه للناطق الرسمي:
“لست ممن خبروا الخطوط الأمامية في ميادين الدفاع أو الهجوم، بينما نحن، من أبناء السلاح، نعرف هذه الأرض شبراً شبراً، ولن نقبل التفريط فيها ولا الصمت حين تُهدد سيادتها.”
وفي تطور يعكس ارتفاع منسوب القلق الرسمي، أقدمت السلطات الأمنية خلال الأيام الماضية على توقيف الوزير السابق ورئيس حزب جبهة التغيير الديمقراطي المعارض، سيدنا عالي ولد محمد خونه، إثر تصريحاته المثيرة التي تحدث فيها عن “تنازل موريتانيا عن أراضٍ لصالح دولة مالي”، قبل أن يُخضع لتحقيق ثم يوضع تحت الرقابة القضائية.
وتأتي هذه التطورات لتضع الحكومة أمام معادلة دقيقة: طمأنة الرأي العام الوطني بخصوص وحدة الأراضي، مقابل تصاعد الأصوات المطالبة بتحقيق ميداني شفاف ومستقل، يضع حداً لتضارب الروايات حول حقيقة ما يجري في الشمال.
وسط هذا المشهد المتوتر، تظل السيادة الوطنية خطاً أحمر في الوجدان الجمعي، بينما تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت الحكومة ستذهب إلى فتح تحقيق رسمي، أم ستكتفي بتفنيد الاتهامات عبر المنابر الإعلامية.