نبض الشارع الأوروبي… من الإنسانية إلى الضغط السياسي

في مشهد إنساني لافت، خرجت شعوب أوروبا بملايينها إلى الساحات، منددة بالعدوان الوحشي على غزة، رافعة صوتها ضد آلة القتل الصهيونية، ومطالبة بوقف التطبيع وقطع العلاقات مع إسرائيل. هذه المواقف لم تأتِ من فراغ، بل تعكس وعياً إنسانياً متزايداً، وتكشف عن تململ مجتمعي من ازدواجية المعايير الغربية، خصوصاً حين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان.
الضغوط الشعبية في أوروبا أثمرت تحركات رسمية لدى بعض الحكومات، خاصة في دول الشمال الأوروبي وأمريكا اللاتينية، التي بدأت تراجع علاقاتها مع الكيان، وتطالب بوقف المجازر.
فالقضية الفلسطينية باتت شأناً ضميرياً أوروبياً قبل أن تكون سياسية، في ظل انكشاف جرائم الاحتلال على وسائل الإعلام ووسائط التواصل.
والأشد إيلاماً أن الشعوب، التي من المفترض أن تكون نبض الأمة، وقفت بدورها في حالة من اللامبالاة أو الحذر المفرط، نتيجة القمع، وسياسات تكميم الأفواه، أو الانشغال بأزمات داخلية مفتعلة تصرفهم عن القضايا الكبرى.
فلسطين… القضية التي تمزج الهوية بالمصير
فلسطين ليست قضية جغرافيا فقط، بل هي جزء من الوعي والهوية والثقافة العربية والإسلامية. ما يجري فيها هو امتحان يومي لمواقف الدول والشعوب، فالصمت لم يعد موقفاً، بل تواطؤاً، والتغاضي خيانة للأرض والدين والدم.
فكيف تُقبل الإبادة والتهجير بحق من يتقاسم معنا العقيدة واللغة والمستقبل، فيما تقف دول تمت بصلة بعيدة – كأوروبا – لتقول: “كفى!”؟
الفرق بين من يرى ومن يشعر
الفرق الجوهري بين الموقف الأوروبي والموقف العربي يكمن في “الاستجابة للضمير”.
أوروبا، رغم بعدها، شعرت بالدم المسفوك فصرخت.
أما العرب، فرأوا وسمعوا وعرفوا… ثم ناموا!
ما الذي يمكن فعله؟
العرب ليسوا عاجزين مادياً ولا سياسياً، فهم قادرون على:
- قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.
- دعم الفلسطينيين بالمساعدات بكل أنواعها.
- الضغط على الولايات المتحدة عبر أدوات المال والطاقة.
- تعبئة الشارع العربي ليعيد الضغط الشعبي على حكوماته.
لكن كل ذلك مشروط بعودة الوعي، وامتلاك القرار الحر، واستحضار الشعور بالمسؤولية التاريخية.
رئيس التحرير