مدن وبلدان

مدينة نواكشوط

تُعدّ مدينة نواكشوط العاصمة السياسية والإدارية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، وأحد أهم رموز الدولة الحديثة.

وقد تأسست عام 1958 في سياق التهيئة للاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، لتصبح لاحقًا مركز الثقل الوطني ومقر القرار السياسي والإداري في البلاد.

تم اختيار موقعها الاستراتيجي على الساحل الأطلسي لتأمين التواصل البحري، وتموقعها بين الشمال والجنوب كحلقة وصل بين مكونات البلاد الجغرافية والبشرية.

المؤسسون ودورهم في بناء العاصمة

يرتبط تأسيس نواكشوط برؤية وطنية طموحة قادها الرئيس المؤسس المختار ولد داداه، الذي حرص على جعل العاصمة الجديدة رمزًا للوحدة الوطنية ومركزًا لصياغة هوية دولة حديثة. وإلى جانبه شارك عدد من القادة الوطنيين في التأسيس، من بينهم:

  • الشيخ بكاي ولد عبد القادر، أول رئيس وزراء بعد الاستقلال.
  • صو فال، من رواد العمل السياسي الوطني ووحدة النسيج الاجتماعي.
  • الوزير أحمدو ولد عبد الله، أحد أعمدة الدبلوماسية الوطنية.
  • إلى جانب علماء ورجال دين وإداريين ساهموا في بلورة النواة الأولى للعاصمة.

عدد السكان والبنية الديموغرافية

بلغ عدد سكان نواكشوط حسب التقديرات الأخيرة (2024) حوالي 1.2 مليون نسمة، من أصل أكثر من 4.8 ملايين نسمة هم مجموع سكان موريتانيا، ما يجعل العاصمة تحتضن ربع السكان تقريبًا. وتتميز المدينة بتنوع سكاني يمثل مختلف الأعراق والثقافات الوطنية: العرب (البيضان)، الزنوج الموريتانيون، بالإضافة إلى جاليات من دول الجوار.

البنية التحتية والمؤسسات

رغم تحديات التمدد العشوائي والهجرات الداخلية، فقد شهدت نواكشوط تطورًا عمرانيًا وخدماتيًا متسارعًا، ومن أبرز ملامحه:

  • شبكة طرق حضرية تربط بين تسع مقاطعات رئيسية.
  • جامعة نواكشوط العصرية، والمعاهد العليا في الشريعة، والإدارة، والعلوم.
  • مطار أم التونسي الدولي (2016)، وميناء نواكشوط المستقل.
  • مستشفيات وطنية كبرى، وأسواق مركزية، ومراكز تجارية حديثة.
  • فنادق مصنفة، مثل: فندق أزلاي، فندق موريسانتر، فندق المطار، وغيرها.

الدين والهوية الثقافية

الإسلام هو الدين الرسمي، ويتبع السكان المذهب المالكي السني، مع حضور قوي للمحاظر التقليدية. وتبقى نواكشوط مركزًا مهمًا للثقافة الإسلامية والعلم الشرعي، إضافة إلى كونها ملتقى للمثقفين والمفكرين.

الموارد الاقتصادية والتنموية في موريتانيا: آفاق واعدة

رغم الظروف المناخية الصعبة، فإن موريتانيا تُعدّ بلدًا غنيًا بالموارد الطبيعية والتنموية، وهو ما ينعكس على دور نواكشوط كمركز تنسيق وتخطيط وطني.

. الموارد المنجمية

تُعد موريتانيا من أغنى دول المنطقة بالثروات المعدنية، ومن أبرزها:

  • الحديد: ويُعد من أهم صادرات البلاد، حيث توجد مناجم كبيرة في ازويرات تديرها شركة SNIM.
  • الذهب: يزداد إنتاجه خصوصًا في مناطق تيرس زمور وإنشيري، حيث تستثمر شركات وطنية ودولية.
  • النحاس: يتواجد في عدة مناطق، ويُعد موريتانيا من المنتجين المتوسطين له.
  • النفط والغاز: تم اكتشاف احتياطيات بحرية كبيرة، أبرزها مشروع السلحفاة الكبرى آحميم (GTA)، المشترك مع السنغال، وتديره شركة بريتش بتروليوم BP، ويمثل ركيزة مستقبلية لاقتصاد البلاد.

. الزراعة

تُمارس الزراعة في ضفاف نهر السنغال وفي الواحات، وهي تشمل:

  • إنتاج الحبوب مثل الدخن والذرة.
  • زراعة الخضروات والفواكه في مناطق اترارزة ولبراكنه.
  • جهود وطنية في تطوير الزراعة المروية وتحقيق الأمن الغذائي.

. الثروة الحيوانية

يمتلك البلد ثروة ضخمة من الحيوانات، من أبرزها:

  • أكثر من 20 مليون رأس من الأغنام والماعز والأبقار والإبل.
  • صادرات اللحوم والألبان، مع فرص واعدة لتطوير الصناعات التحويلية.

. الصيد البحري

يمتلك موريتانيا ساحلًا بطول 754 كم على المحيط الأطلسي، ويُعد من أغنى الشواطئ بالأسماك في العالم. من أبرز منتجات الصيد:

  • الأسماك السطحية (السردين، البوري).
  • القشريات (الروبيان).
  • الصيد يدر مداخيل ضخمة، وتُبرم اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي والصين وتركيا.

الطاقات المتجددة

في ظل موقعها الجغرافي ومناخها الصحراوي، تمتلك موريتانيا إمكانيات هائلة في الطاقة الشمسية والرياح، وقد بدأت الحكومة بتطوير مشاريع وطنية ودولية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، خاصة في ولايات الشمال، وهو ما يمثل مستقبلًا واعدًا للطاقة والتنمية.

الخاتمة

إن مدينة نواكشوط ليست فقط العاصمة السياسية، بل هي تجسيد لرحلة بناء وطن متعدد الموارد والثقافات، يسعى للالتحاق بركب التنمية المستدامة. وبين رمزية التأسيس وتحديات الحاضر، تظل نواكشوط عنوانًا لنهضة موريتانيا ومركز إشعاعها الوطني والدولي، في ظل موارد طبيعية غنية وآفاق واعدة للنمو الشامل.

زر الذهاب إلى الأعلى