مدن وبلدان

مدينة بيروت

بيروت: العاصمة النابضة بالحياة

بيروت، عاصمة الجمهورية اللبنانية وأكبر مدنها، تقع على تلتين تمتدان بمحاذاة ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتشكل بذلك الميناء الرئيسي للبلاد. تُعد المدينة من أكثر مدن الشرق الأوسط حداثة، إذ تمتزج فيها الطرز المعمارية الشرقية والغربية، القديمة والحديثة، فتتناغم الأرابيسك العثمانية مع العمارة الفرنسية الكلاسيكية، ما منحها لقب “باريس الشرق الأوسط”.

جذور بيروت التاريخية

يرجّح أن اسم بيروت مشتق من الكلمة الفينيقية الكنعانية (Be’erot) التي تعني “آبار المياه الجوفية”، بينما يرى البعض أن الاسم يعود إلى الإلهة الإغريقية بيروي، ابنة الإله أدونيس. وقد ورد اسم بيروت لأول مرة في التاريخ في القرن الرابع عشر قبل الميلاد ضمن ألواح رسائل العمارنة الموجهة إلى فرعون مصر. دُمّرت المدينة بالكامل في عام 140 ق.م، وأُعيد بناؤها في العصر الهلنستي تحت اسم لاوديسيا.

خلال الحقبة العثمانية، تحولت بيروت إلى مركز تجاري مهم لسوريا في عهد السلطان سليم الأول، وازدادت أهميتها في القرن التاسع عشر مع تطور علاقاتها السياسية والتجارية مع أوروبا، خصوصاً فرنسا. أصبحت عاصمة ولاية سوريا العثمانية عام 1888م، وبعد استقلال لبنان عام 1943، اعتمدت بيروت رسمياً كعاصمة للدولة الحديثة.

الجغرافيا والمناخ

تبلغ مساحة مدينة بيروت نحو 18 كم²، وتصل المساحة الحضرية إلى 67 كم². تتوزع أحياؤها على تلتَي الأشرفية والمصيطبة، وتتنوع طبيعتها الساحلية بين الشواطئ الرملية والصخرية. من أبرز أحيائها: الأشرفية، المصيطبة، المرفأ، رأس بيروت، زقاق البلاط، الباشورة، الصيفي، المزرعة، وغيرها.

يتميز مناخ بيروت بأنه معتدل البحر الأبيض المتوسط، مع شتاء بارد نسبياً، حيث تصل الحرارة إلى 6 درجات مئوية في يناير وفبراير.

التركيبة السكانية والدينية

بيروت هي المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في لبنان، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 361 ألف نسمة، في حين يقطن في محيطها الحضري نحو 2.2 مليون نسمة. وتُعرف بيروت بتنوعها الديني والثقافي، إذ تضم 18 طائفة دينية معترف بها، منها الطوائف الإسلامية (السنية، الشيعية، العلوية، الدرزية) والمسيحية (الكاثوليكية، الأرثوذكسية، المارونية، السريانية، الآشورية وغيرها).

الاقتصاد والبنية التحتية

في الفترة ما بين 1952 و1975، كانت بيروت مركزاً مالياً وثقافياً وفكرياً للعالم العربي، ونقطة رئيسية لتدفق الأموال العربية عبر قطاعها المصرفي النشط. تميزت باقتصاد حرّ قائم على الملكية الخاصة، وقوانين تجارية مشابهة لتلك المعمول بها في فرنسا والولايات المتحدة. وقد اعتُبرت المدينة سادس أفضل وجهة سياحية في العالم عام 2006 وفقًا لمجلة Travel + Leisure.

ورغم هذا، بلغت نسبة البطالة في نفس العام نحو 20%. أما المواصلات، فتتوفر عبر شبكة حافلات وسيارات أجرة تربط بيروت بالمدن اللبنانية والسورية، إضافة إلى مطار رفيق الحريري الدولي الذي يقع جنوب العاصمة.

السياحة والمعالم التاريخية

بيروت مدينة تتنفس التاريخ والفن، وتضم مزيجاً معمارياً فريداً من العمارة القوطية والعثمانية والفرنسية. من أبرز معالمها السياحية:

  • ساحة الشهداء: أنشئت عام 1931 تخليداً لشهداء لبنان.
  • شارع الحمراء: مركز ثقافي يزخر بالجامعات والمكتبات.
  • قصر بيت الدين: بني في القرن الثامن عشر، ويُعد تحفة معمارية تُقام فيه مهرجانات موسيقية.
  • كورنيش بيروت: متنفس ساحلي شهير ومحبوب لدى السياح.

المتاحف الثقافية

تحتضن بيروت عدة متاحف تجسد عمقها الحضاري:

  • المتحف الوطني اللبناني: تأسس عام 1930، وتم ترميمه بعد الحرب وافتتح مجدداً عام 1999.
  • قصر سرسق: يحتوي على مجموعة متميزة من الفنون المعاصرة.
  • متحف ميم: يعرض أكثر من 300 نوع من المعادن النادرة على مستوى العالم.

الجامعات في بيروت

تُعد بيروت مركزاً تعليمياً هاماً في المنطقة، وتضم عدداً من أرقى الجامعات، أبرزها:

  • الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB): تأسست عام 1866، وصُنّفت ضمن أفضل 300 جامعة عالمية.
  • الجامعة اللبنانية الأمريكية (LAU): تأسست عام 1835، وتحتل مرتبة متقدمة عربياً.
  • جامعة القديس يوسف: تأسست عام 1875، وتتميز بفروعها في بيروت ودبي.

الطعام والأزياء

تأثرت المأكولات البيروتية بتنوع الحضارات التي مرت على المدينة، خاصة التأثير العثماني. من أشهر الأطباق:

  • المناقيش
  • فتة الحمص
  • الشيشبرك
  • الكبّة الأرنبية
  • الكنافة
  • المفتقة

كما تشتهر بيروت بأسواقها النابضة التي تعكس ثقافتها وأسلوب حياتها، حيث تُعرض فيها الأزياء الشرقية والغربية، التقليدية والعصرية.

زر الذهاب إلى الأعلى