تكنولوجيا

مدن الصواريخ” الإيرانية: لماذا تكشف طهران الآن عن مواقعها السرية؟


في خطوة غير مسبوقة، كشفت إيران عن جزء من بنيتها التحتية العسكرية السرية، والمعروفة باسم “مدن الصواريخ”، وهي منشآت تحت الأرض تُستخدم لتخزين وتجهيز وإطلاق الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، إلى جانب طائرات مسيّرة وأنظمة دفاع جوي متطورة.

إيران تكشف أوراقها

صرّح العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري الإيراني، أن عدد هذه المدن تحت الأرض ضخم للغاية، لدرجة أن الكشف عن واحدة أسبوعياً سيستغرق أكثر من عامين. وتظهر التسجيلات التي بثها الإعلام الإيراني مستودعات للصواريخ، من بينها صواريخ “خيبر شكان” و”حاج قاسم” داخل أنفاق محصنة تحت الأرض.

رسالة ردع موجهة للخصوم

تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، مدفوعة بثلاثة ملفات رئيسية: التهديدات التي تشكلها جماعة الحوثي المدعومة من طهران، المفاوضات المتعثرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان.

وتسعى طهران من خلال هذا الإعلان إلى توجيه رسالة ردع واضحة: هي تمتلك قدرات استراتيجية كافية للرد على أي هجوم محتمل، سواء من قواعد أمريكية في المنطقة أو من إسرائيل.

تحركات عسكرية متبادلة

بالتزامن مع هذا الكشف، نقلت الولايات المتحدة ست طائرات حربية مزوّدة بتكنولوجيا التخفي إلى قاعدة عسكرية قريبة من إيران واليمن. وردّت إيران بتهديد غير مسبوق باستهداف قاعدة دييغو غارسيا، وهي منشأة عسكرية بريطانية-أمريكية في المحيط الهندي.

وصرّحت طهران بأنها لن تميز بين القوات الأمريكية أو البريطانية إذا تعرضت لهجوم، مشيرة إلى أن منشآتها الصاروخية قادرة على الوصول إلى أهداف تبعد أكثر من 2000 كيلومتر، رغم أن هذا الادعاء لم يُثبت بعد عملياً.

استراتيجية “المدن الصاروخية”

تشير معلومات الحرس الثوري إلى أن “مدن الصواريخ” لا تقتصر على التخزين، بل تُستخدم أيضاً كمصانع لتجهيز الصواريخ. وتتمركز هذه القواعد في مواقع جبلية استراتيجية يصعب كشفها أو استهدافها. وتُعد هذه المدن عنصراً محورياً في استراتيجية الردع الإيرانية، إذ تُمكّنها من تنفيذ ضربات من مواقع مجهولة، مما يُصعّب على الخصوم تقدير قوتها الفعلية.

أبعاد داخلية وخارجية

داخلياً، تسعى إيران إلى طمأنة الرأي العام بشأن جاهزيتها العسكرية، خصوصاً بعد تعرضها لضغوط متزايدة تطالب بالرد على الهجمات الإسرائيلية. أما خارجياً، فهي توجّه رسالة مفادها أن قدراتها الصاروخية لا تزال سليمة، رغم الاستهدافات الأخيرة.

ختاماً

في ظل تزايد التوتر الإقليمي، يمثل إعلان إيران عن “مدن الصواريخ” تصعيداً محسوباً، يهدف إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية وردع خصومها عبر إبراز قدرتها على الرد بقوة من مواقع محصنة. ورغم عدم الكشف عن المواقع الدقيقة لهذه المنشآت، إلا أن الرسالة واضحة: طهران تستعد لكل الاحتمالات.


زر الذهاب إلى الأعلى