مالي تشدد الرقابة على قطاع التعدين وتفرض القانون الجديد لتعزيز الإيرادات والسيطرة على الذهب

في الأشهر الأخيرة، أبرم المجلس العسكري المالي بقيادة آسيمي غويتا اتفاقيات مع غالبية شركات التعدين العاملة في البلاد، حيث قبلت هذه الشركات الالتزام بشروط قانون التعدين الجديد لعام 2023، الذي يهدف إلى إخضاع جميع المناجم والمشاريع القائمة للإطار القانوني الحديث.
ومن بين الشركات الأخيرة التي وقّعت الاتفاقيات، شركتا فابولا غولد، المشغلة لمنجم الذهب في كودييران على بعد 300 كيلومتر جنوب باماكو، وباغاما ماينينغ، التي تمتلك أنشطة صغيرة في كانغابا غرب مالي. كما أبدت المجموعة البريطانية إنديفور ماينينغ موافقتها على الالتزام بالقانون، رغم اعتبار مشروعها في كالانا قرب الحدود الغينية غير استراتيجي مقارنة بحجم أنشطتها الأخرى.
ورغم أن مبدأ “الاستقرار القانوني” في قطاع التعدين يعني عادة عدم تأثير التغييرات القانونية على العقود القائمة، أصرّ غويتا على تطبيق القانون الجديد على جميع العقود، القديمة والجديدة. وقد تميزت المفاوضات بضغط كبير من السلطات، ما أدى في إحدى المراحل إلى اعتقال تيري هولوهان، الرئيس التنفيذي لشركة “ريزولوت ماينينغ” الأسترالية، المشغلة لمنجم سياما قرب الحدود مع كوت ديفوار.
معركة ذهب لوولو-غونكوتو
بلغت التوترات ذروتها مع المجموعة الكندية باريك ماينينغ، المشغلة لأكبر منجم ذهب في مالي ضمن مجمع لوولو-غونكوتو، والتي لم توقع اتفاقًا بعد، رغم اعتقال أربعة من مسؤوليها وإصدار مذكرة توقيف بحق مديرها التنفيذي مارك بريستو. وأدى ذلك إلى تعليق الشركة لعملياتها، فيما وضعت السلطات القضائية المنجم تحت إدارة مؤقتة، وسط مخاوف من تدخلات شبكات مسلحة مثل فاغنر الروسية (التي استبدلت لاحقًا بـ”الفيلق الأفريقي”).
قانون يعزز سيطرة الدولة على الذهب
تؤكد السلطات الانتقالية في مالي أن “الذهب يجب أن يكون لصالح جميع الماليين”، مشددة على أن القانون الجديد يمنح الدولة حقوقًا أوسع من النسخة السابقة، من خلال رفع معدلات المساهمات وإلغاء العديد من الإعفاءات الضريبية والجمركية. كما يسمح القانون بامتلاك الدولة حتى 30% من أي منجم، ويخصص حصة 5% للمستثمرين المحليين، مع إنشاء صناديق تمويلية لدعم مشاريع التنمية المحلية والبنية التحتية.
وقد صرّح وزير الاقتصاد المالي، ألو سيني سانو، أن الإصلاحات المتوقعة ستدر على ميزانية الدولة السنوية ما لا يقل عن 500 مليار فرنك أفريقي (حوالي 879.6 مليون دولار). ويأتي القانون بعد تدقيق أجرته شركتا “مازار” و”إيفنتوس ماينينغ”، أكدت فيهما أن الثغرات التنظيمية وسوء إدارة الشركات كلف الدولة ما بين 300 و600 مليار فرنك أفريقي (حوالي 530 مليون إلى مليار دولار).
الإيرادات والشفافية
بين عامي 2021 و2022، ارتفعت مساهمات شركات الذهب متعددة الجنسيات في مالي من 980 مليار إلى 1.08 تريليون فرنك أفريقي، فيما دفعت الشركات في 2022 وحده 602 مليار فرنك إلى الخزينة العامة و39 مليارًا إلى هيئة الضمان الاجتماعي الوطنية. وتؤكد البيانات أن نسبة 98% من إيرادات القطاع الاستخراجي ذهبت لميزانية الدولة، فيما وزعت النسبة المتبقية على الميزانيات المحلية وصناديق التدريب المهني والتوظيف والإسكان الوطني، إلى جانب مساهمات الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا.
وتشير هذه المؤشرات إلى أن توقعات الدولة بزيادة الإيرادات وتحقيق طفرة ضريبية نتيجة تطبيق القانون الجديد قد تكون في محلها، مع تعزيز الشفافية والسيطرة على الموارد الاستراتيجية.