ماذا بقي للحكومات العربية بعد السخط الأوروبي على نتنياهو؟

بينما يتصاعد الغضب الأوروبي ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، تقف الأنظمة العربية، أو معظمها على الأقل، في حالة من الصمت المريب أو المواقف الرمادية، التي لا ترقى لمستوى الحدث ولا لحجم الجريمة.
فحين تبدأ عواصم غربية كبرى بمهاجمة سياسات تل أبيب، والتلويح بفرض عقوبات أو اعتراف أحادي بدولة فلسطين، يحق للشارع العربي أن يتساءل: أين حكوماتنا؟ وماذا بقي لها من أوراق أمام شعوبها؟
أوروبا تتحرك… والعرب يراقبون
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، كان الصوت العربي الرسمي باهتًا، باحثًا عن توازن هش بين إدانة لفظية لا تسمن ولا تغني، ومصالح جيوسياسية واقتصادية مع تل أبيب. لكن ما أثار دهشة الكثيرين هو أن دولًا أوروبية – لطالما عُرفت بولائها الاستراتيجي لإسرائيل – بدأت تتحرك. تصريحات صادمة ضد نتنياهو، وتحقيقات في جرائم حرب، وتجميد محتمل لتعاون عسكري، وحتى خطوات غير مسبوقة في الاعتراف بدولة فلسطين.
في المقابل، لم تُقدم الدول العربية سوى مبادرات تقليدية، كدعوات لهدنات مؤقتة أو شجب لفظي، مع إصرار غريب على التنسيق مع الولايات المتحدة – التي ما زالت توفر الحماية السياسية والدبلوماسية لإسرائيل.
تعرية بلا مواربة
لقد عرّت هذه اللحظة التاريخية النظام العربي الرسمي من كل ادعاء بالريادة أو الدفاع عن القضية الفلسطينية. فأوروبا، التي لا تربطها بفلسطين لا عروبة ولا إسلام، باتت أكثر جرأة في المواجهة.
فهل يعني هذا أن المواقف العربية محكومة بالجبن أم بالمصالح الضيقة؟ وهل أصبح ثمن الكرسي والشرعية في عواصم عربية كثيرة هو التماهي مع صمت دولي أو حتى دعم ضمني لمرتكبي الإبادة؟
إن الشعوب العربية، التي تتابع ما يحدث في غزة بقلوب تنزف، تدرك جيدًا أن أنظمتها لم تعد تمثلها في هذه القضية، وأن الخنجر لم يعد في يد “الغرب”، بل في صدورهم من الداخل.
ما العمل؟ وهل هناك أمل؟
ما بقي للحكومات العربية هو ما قررت هي أن تبقيه: القليل من الكرامة إن قررت أن تتحرك. فبإمكانها – إن شاءت – طرد السفراء، تجميد العلاقات، استخدام النفط والاقتصاد كسلاح ضغط، بل وحتى التوجه الجماعي للمحاكم الدولية. لكنها لن تفعل، على الأغلب، لأنها لم تفعل من قبل.
ومع ذلك، لا تزال هناك فرصة تاريخية لإعادة التموضع. أن يستعيد العرب زمام المبادرة، ولو متأخرين، فيقلبوا الطاولة بوجه الاحتلال، ويستعيدوا ثقة شعوبهم التي فاض بها الكيل.
لكن إن ضاعت هذه اللحظة، فإن التاريخ لن يرحم.
ويبقى سؤال الأجيال الحالية و القادمة: لماذا صمتم حين تكلّم الآخرون؟