الأخبار العالمية

ليلة مرعبة في غزة هكذا أنقذت الأم ابنتها بجسدها

في بداية هذه الحرب، تعرضنا للقصف وأُجبِرنا على مغادرة منزلنا الجميل الذي دُمِّر في مدينة غزة. منذ ذلك الحين، تنقلنا بين منازل مختلفة، ملاجئ مؤقتة، وحتى خيام في خان يونس، رفح، دير البلح، والبريج.

بهذه الكلمات تبدأ لجين، فتاة غزية تبلغ من العمر 14 عامًا، حديثها لموقع “ذا نيشن” الأميركي، حيث تروي كيف نجت من العديد من الحروب التي شهدتها غزة، وكيف تعيش اليوم أسوأها. تحكي لجين كيف أُجبِرت هي وعائلتها على مغادرة منزلهم بعدما هددت قوات الاحتلال بغزو رفح.

لجين تحدثت عن خروجهم للمرة التاسعة منذ أكتوبر/تشرين الأول بحثًا عن ملاذ آمن، حيث ما يسمى بالمناطق الآمنة، والتي أحرق فيها جيش الاحتلال الأطفال أحياء في الخيام. وفي نهاية المطاف، كان المنزل الصغير في البريج أفضل ما وجدوه، رغم تكرار القصف.

سردت لجين تفاصيل قصتها كما يلي:

“كان يوماً مليئًا بالقصف والدمار. في مساء اليوم التالي، سمعنا دبابات تقترب من الشرق. رغم أن قوات الاحتلال كانت قد دخلت المنطقة سابقًا، إلا أنها عادت مرة أخرى.”

تصف لجين تلك الليلة المرعبة التي شهدت فيها السماء ممتلئة بالطائرات، والأرض ترتج تحت وطأة الدبابات. حاولت هي وعائلتها الاحتماء بالجدران، حيث قامت والدتها بإعطائها بعض الذرة المعلبة ولم تأكل هي شيئًا، مدخرة الطعام لابنتها. رغم توسلات لجين، رفضت والدتها أن تأكل.

“استلقينا على الأرض، وجعلتني أمي بجانب الحائط بينما استلقت هي على الجانب المكشوف. أحاطت رأسي بالوسائد. غفوت قليلاً، لأستيقظ على صوت الرصاص والقنابل والشظايا التي كانت تضرب الجدران والنوافذ. حمتني أمي بجسدها المنهك وابتسمت لي قائلة: نحن بخير، لا تخافي.”

استمر القصف لدقائق. فجأة شعرت لجين بشيء دافئ على يدها، لم تتمكن من رؤيته في الظلام، لكنها أدركت فيما بعد أنه دم والدتها. كانت قطعة من الشظايا قد اخترقت كتف والدتها، التي استخدمت جسدها لحماية رأس لجين. لم تصدر والدتها أي صوت، ما أصاب لجين بالهلع، متسائلة إن كانت قد فقدتها. بدأت تبحث عن نبض قلب والدتها، حتى سمعت صوتها الخافت يسألها “هل أنت بخير؟” فأخبرتها لجين أنها مصابة، لتجيب والدتها بهدوء: “لا شيء. لا تقلقي”.

بقوا في هذا الوضع حتى بزغ فجر الخامس من يونيو/حزيران، حيث كانت والدتها تحاول معالجة نفسها. ساعدتها لجين في إزالة الشظايا التي كانت تنزف منها، ولم تتمكن أي سيارة إسعاف من الوصول إليهم.

تصف لجين شعورها الغريب حينما تدرك أن الموت يتربص بها في كل مكان. لم تكن تعرف عن والدها الذي كان في مكان آخر بغزة، ولا عن أصدقائها. كل واحد منهم يواجه الموت بمفرده.

في النهاية، تقول لجين إنها تكتب هذه السطور بينما يستمر القصف، ولا تعلم إن كانت ستتمكن من إنهاء قصتها. تتساءل بحسرة، هل سيأتي اليوم الذي لا نسمع فيه صوت الرصاص والقنابل والصواريخ؟

زر الذهاب إلى الأعلى