صحة

لماذا نشعر بالتعب رغم نومنا لساعات طويلة؟ السر في “النوم العميق”

يمضي كثيرون عطلة نهاية الأسبوع في النوم لساعات طويلة، اعتقادًا منهم أنهم بذلك يعوضون نقص الراحة خلال الأسبوع. إلا أن الشعور بالإرهاق لا يلبث أن يعود مع أول صباح من بداية الأسبوع الجديد، وكأن عطلتهم كانت رحلة شاقة لا راحة فيها. وهكذا تتكرر الدائرة: تعبٌ يتجدد كل يوم رغم النوم الطويل.

وقد عبّر أحد الشعراء عن هذا الشعور حين قال: “اللهم أغمض جفنيّ إن ساورتني سِكتة النوم العميق حتى أستفيق”. لعلّه لم يكن يدري أنه تمنى ما قد يكون علاجًا لتعب يعاني منه الملايين حول العالم، ممن ينامون 8 ساعات يوميًا، بل ويزيدونها في الإجازات، دون أن يشعروا بالانتعاش.
فما السر؟ ولماذا لا يكفي مجرد النوم؟

النوم العميق.. مفتاح الراحة الحقيقية

تكمن الإجابة في مرحلة محددة من النوم تُعرف بـ**”النوم العميق”**. فبحسب “مؤسسة النوم الوطنية” في الولايات المتحدة، فإن نقص النوم العميق يؤدي إلى:

  • شعور دائم بالنعاس والخمول
  • ضعف التركيز والانتباه
  • صعوبة في التعلم وتكوين الذكريات
  • رغبة مفرطة في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية

مراحل النوم الأربع

حين يخلد الإنسان للنوم، يمر بأربع مراحل متكررة:

  1. نوم خفيف (المرحلة الأولى): انتقال من اليقظة إلى النوم، يتباطأ فيه التنفس ومعدل ضربات القلب.
  2. نوم أعمق (المرحلة الثانية): تنخفض حرارة الجسم، وترتخي العضلات. يقضي الإنسان نصف نومه في هذه المرحلة.
  3. النوم العميق (المرحلة الثالثة): تصل موجات الدماغ إلى أبطأ تردد، وتصبح عملية الاستيقاظ صعبة.
  4. نوم حركة العين السريعة (REM): تحدث فيه معظم الأحلام، ويكون نشاط الدماغ مشابها لحالة اليقظة، بينما تكون العضلات شبه مشلولة.

تستغرق الدورة الواحدة حوالي 90 إلى 120 دقيقة، يمر خلالها الشخص بجميع المراحل، وتكرر من 4 إلى 6 مرات خلال الليلة.

النوم العميق يصلح ما أفسده النهار

خلال النوم العميق، يفرز الجسم هرمون النمو الذي يسهم في إصلاح العضلات والعظام والأنسجة، ويقوي الجهاز المناعي، ويساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.

كما يلعب النوم العميق دورًا أساسيًا في تعزيز الذاكرة، تعلم المهارات الحركية، ونمو الدماغ، خاصة لدى الأطفال. وتشير دراسة نشرت في مجلة JAMA Neurology إلى أن قلة النوم العميق ترتبط بمخاطر طويلة الأمد، منها الإصابة بالخرف.

كم تحتاج من النوم العميق؟

من أصل 7 إلى 9 ساعات نوم ليلي موصى بها للبالغين، يُقضى نحو 20% منها في النوم العميق، أي ما يعادل 90 إلى 120 دقيقة تقريبًا. ويبدأ النوم العميق عادة في الساعة الأولى بعد الاستغراق في النوم، ثم يقل تدريجيًا مع تقدم الليل.

من الجدير بالذكر أن الجسم يعوّض نقص النوم العميق تلقائيًا، فبعد ليلة من الأرق، يقضي الشخص وقتًا أطول في النوم العميق. أما كبار السن، فيحصلون عادة على قدر أقل منه، ويعوضون ذلك بقضاء وقت أطول في المراحل الأخرى من النوم.

كيف تحسّن جودة نومك العميق؟

لتحقيق نوم عميق يعيد الحيوية للجسم والعقل، ينصح باتباع النصائح التالية:

  • الالتزام بجدول نوم ثابت، حتى في عطلات نهاية الأسبوع
  • تجنب استخدام زر “الغفوة” (Snooze)، لأنه يمدد فترة الخمول بعد الاستيقاظ
  • ممارسة الرياضة بانتظام
  • الاستيقاظ على ضوء الشمس الطبيعي لتحفيز الساعة البيولوجية
  • تجنب الكافيين بعد الظهر لأنه يعيق الدخول في مراحل النوم العميق

في النهاية، لا يكفي أن تنام لساعات طويلة حتى تشعر بالراحة، بل الأهم أن تدخل مرحلة النوم العميق. فهناك فقط، تبدأ رحلة التعافي الجسدي والعقلي الحقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى