غياب لافت للوزراء في صلاة العيد… هل تعكس الحكومة انقساماً داخلياً في لحظة إقليمية حرجة

في سابقة مثيرة للانتباه، غاب كل من الوزير الأول، ووزراء الداخلية، والخارجية، والدفاع عن صلاة العيد، في وقت يتواجد فيه رئيس الجمهورية خارج البلاد لأداء فريضة الحج. هذا الغياب الجماعي لرموز الصف الأول في الجهاز التنفيذي، في مناسبة وطنية ودينية موحدة، أثار موجة من التساؤلات في الشارع السياسي والإعلامي، وفتح الباب واسعاً أمام قراءات متعددة تتراوح بين البرود البروتوكولي والانقسام السياسي الصامت.
في ظل السياق الإقليمي المتقلب، حيث تزداد حدة التوترات في منطقة الساحل، ويعاد رسم خرائط النفوذ والتحالفات، يصبح أي تراجع في الانسجام داخل الحكومة أو تذبذب في مظاهر الدولة ووحدة قرارها، سبباً مشروعاً للقلق. فالأوضاع في الجوار، وتحديداً في مالي، تنذر بتحولات قد تكون عاصفة. ولا يزال كثير من المحللين يعتبرون أن سقوط باماكو في يد ائتلاف من الحركات الجهادية والانفصالية ليس سوى مسألة وقت، تَعترضه فقط خلافات التنسيق أو نقص الجاهزية الميدانية.
في هذا المناخ الإقليمي المعتم، تبدو موريتانيا مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتعزيز جاهزيتها الأمنية والسياسية، وتوحيد صفوف مؤسساتها التنفيذية، لتضطلع بدور فاعل في محيطها، ولتحمي أمنها القومي من أي ارتدادات محتملة. فبلد يواجه تحديات معقدة لا يمكن أن يدار بحكومة يتشبه بيتها الداخلي بـ”علاقة القطط بالدجاج”، حيث تنعدم الثقة، وتغيب الروح الجماعية، وتسيطر الحسابات الضيقة.
إن الرمزية الغائبة في صلاة العيد ليست مجرد تفصيل بروتوكولي، بل قد تكون مؤشراً على هشاشة في بنيان القرار السياسي، وعلى فجوة تتسع بين مكونات الحكومة. وإذا صح هذا التقدير، فإن المصلحة الوطنية تقتضي وقفة صريحة لمراجعة أسلوب التسيير، واستعادة الانسجام في قمة الهرم التنفيذي، لأن ما هو قادم من تطورات في الإقليم، قد لا يرحم المترددين أو المنقسمين.