فوز كاسح للرئيسة سامية صولوحو حسن وسط احتجاجات دامية في تنزانيا

أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في تنزانيا أن الرئيسة سامية صولوحو حسن حققت فوزًا ساحقًا بحصولها على نحو 95% من الأصوات، وفق ما أعلنه التلفزيون الرسمي، في اقتراع تخللته احتجاجات دامية أودت بحياة المئات، بحسب تقديرات المعارضة.
وجرت الانتخابات يوم الأربعاء الماضي في ظل مقاطعة أبرز أحزاب المعارضة، بعد أن تم سجن المرشحين الرئيسيين المنافسين للرئيسة أو رفض ترشيحاتهم. ومن المتوقع أن تُعلن النتائج النهائية خلال ساعات، يعقبها أداء الرئيسة اليمين الدستورية اليوم السبت.
لكن هذا الفوز تزامن مع موجة من الغضب الشعبي، حيث اندلعت احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد، وخرج الآلاف إلى الشوارع رفضًا لما وصفوه بـ”قمع سياسي ممنهج” واستبعاد أبرز المنافسين من السباق الانتخابي.
وقال متحدث باسم حزب المعارضة الرئيسي “تشاديما” لوكالة الصحافة الفرنسية إن نحو 700 شخص قُتلوا خلال الاحتجاجات، استنادًا إلى بيانات جمعها عاملون في القطاع الصحي، بينما أكد مصدر أمني ودبلوماسي في دار السلام أن عدد القتلى بالمئات مع استمرار التظاهرات.
من جانبها، ذكرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن تقارير موثوقة أشارت إلى مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص في ثلاث مدن، في أول تقدير علني تصدره جهة دولية حول أعداد الضحايا.
وفي المقابل، نفت الحكومة التنزانية استخدام “القوة المفرطة”، ووصف وزير الخارجية محمود ثابت كومبو الأرقام التي أعلنتها المعارضة بأنها “مبالغ فيها بشكل كبير”، لكنه لم يقدم حصيلة رسمية بديلة.
وأثارت الإجراءات الحكومية الصارمة جدلاً واسعًا، إذ تم حجب الإنترنت وفرض حظر تجول شامل وإغلاق عدد من وسائل الإعلام، مما صعّب الحصول على معلومات دقيقة حول الوضع الميداني.
وفي الوقت نفسه، لم تُدلِ الرئيسة سامية صولوحو حسن بأي تصريح منذ بدء الاضطرابات، بينما دعت الأمم المتحدة إلى تحقيق شامل ونزيه في التقارير التي تحدثت عن استخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يشعر بـ”قلق بالغ” إزاء الوضع في تنزانيا، مشيرًا إلى تقارير عن سقوط ضحايا بين قتلى وجرحى، داعيًا السلطات إلى ضبط النفس واحترام الحقوق الأساسية للمواطنين.
كما عبّر وزراء خارجية بريطانيا وكندا والنرويج في بيان مشترك عن قلقهم العميق، مطالبين الحكومة التنزانية باحترام حرية التعبير والتجمع السلمي.
وتأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه الرئيسة سامية صولوحو حسن إلى ترسيخ نفوذها السياسي داخل حزبها وإسكات الأصوات المنتقدة لسياستها، بعد أن واجهت اتهامات متزايدة بـ”القمع الممنهج” ضد المعارضين.
وكانت السلطات قد منعت حزب تشاديما من خوض الانتخابات، ووضعت زعيمه قيد المحاكمة بتهمة الخيانة، في خطوة اعتبرتها المعارضة دليلاً على تضييق الخناق على الحياة السياسية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن البلاد شهدت قبل الانتخابات تصعيدًا لافتًا في أعمال القمع، شمل عمليات اختطاف واعتقال لناشطين ومعارضين بارزين، فيما وصف مراقبون الوضع بأنه “موجة إرهاب سياسي” غير مسبوقة.
وتولت سامية صولوحو حسن رئاسة البلاد عام 2021 عقب وفاة الرئيس جون ماغوفولي، وحظيت حينها بإشادة داخلية ودولية لتخفيفها القيود الصارمة التي فرضها سلفها، لكنها واجهت لاحقًا انتقادات شديدة بسبب سياساتها تجاه المعارضة وحرية الصحافة.
في ضوء هذه التطورات، يترقب التنزانيون والعالم إعلان النتائج النهائية لمعرفة إن كانت المرحلة المقبلة ستقود البلاد نحو استقرار سياسي أم ستفتح الباب أمام تصعيد جديد للأزمة الداخلية التي تهدد أحد أكبر بلدان شرق أفريقيا.









