غزة تواجه انهيارًا صحيًا شاملًا وتحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة

حذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة من تفاقم الوضع الصحي والإنساني إلى مستويات وصفتها بـ”الخطِرة والكوارثية”، مشيرة إلى أن منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال لقاحات شلل الأطفال يُهدد بتفشي وباء واسع النطاق، في ظل تعطل شبه كامل للنظام الصحي في القطاع.
وأوضح وكيل الوزارة، الدكتور يوسف أبو الريش، أن 59% من الأدوية الأساسية و37% من المستلزمات الطبية الحيوية نفدت بالكامل، مؤكداً أن استمرار إغلاق المعابر يحول دون تمكين مئات المرضى والجرحى من مغادرة غزة لتلقي العلاج المتخصص في الخارج.
وأشار أبو الريش إلى أن نحو 13 ألف مريض بحاجة ماسة للسفر لاستكمال العلاج، في حين يعاني القطاع من نقص حاد في الإمدادات الغذائية، ما يفاقم خطر الوفيات لدى الأطفال نتيجة سوء التغذية وفقر الدم، لافتًا إلى تسجيل 52 حالة وفاة بين الأطفال خلال الحرب بسبب سوء التغذية، محذرًا من ارتفاع هذا الرقم في ظل استمرار منع دخول الغذاء والدواء.
وأضاف أن مستشفيات القطاع تُواجه صعوبات كبيرة في تشغيل أقسامها الحيوية بسبب انقطاع الوقود وغياب قطع الغيار اللازمة لتشغيل المولدات الكهربائية، ما يهدد بتوقف تام للخدمات الصحية، خاصة مع غياب محطات الأكسجين التي يعتمد عليها تقديم الرعاية للمصابين والمرضى.
كما أكد أن النقص الحاد في الأجهزة التشخيصية وعدم توفر المستلزمات الجراحية يعيق إجراء التدخلات الطبية الطارئة، إلى جانب استهداف الطواقم الطبية وفرق الإسعاف، ما يعقّد عمليات إخلاء الجرحى.
ونبّه إلى أن انهيار البنية التحتية للمياه يرفع من احتمالية تفشي أمراض الإسهال والجلد، خاصة في ظل تدمير شبكات الصرف الصحي، مشيراً إلى استشهاد 274 طفلًا خلال الحرب، بينهم من وُلدوا في ظروف استثنائية وفقدوا حياتهم فورًا.
وذكر أن 16 مركزًا صحيًا من أصل 52 خرجت تمامًا عن الخدمة نتيجة الاستهداف المباشر، مما يفاقم العجز في خدمات الرعاية الأولية.
انتهاك الحق في الصحة
وفي بيان أصدرته وزارة الصحة بمناسبة يوم الصحة العالمي، أكدت أن الحق في الرعاية الصحية ما يزال مُصادرًا لملايين الفلسطينيين، في ظل نقص الأدوية، وتعطل المستشفيات، وغياب أبسط مقومات العمل الطبي. ولفتت إلى أن الأطباء يجرون عمليات جراحية دون تخدير ويعملون في ظروف قاسية وسط غياب الإمدادات.
الوزارة أوضحت أن منع إدخال لقاحات شلل الأطفال يُعرّض نحو 600 ألف طفل لخطر الإصابة بإعاقات دائمة، مؤكدة أن هذا الإجراء يقوّض كل الجهود التي بُذلت خلال الأشهر الماضية في مجال التحصين، ودعت الجهات الدولية إلى الضغط لفتح ممرات آمنة لإدخال اللقاحات وضمان وصولها للأطفال.
دعوات عاجلة من المنظمات الدولية
من جانبها، حذّرت وكالة الأونروا من نفاد مخزونها الإنساني في غزة، مشيرة إلى أنها تواصل العمل بما تبقى لديها من إمدادات محدودة، في وقت تواصل فيه إسرائيل منع دخول المساعدات منذ أكثر من شهر، ما يفاقم الأزمة.
وفي السياق ذاته، وصف المتحدث الإقليمي باسم منظمة اليونيسيف ما يحدث في غزة بأنه “عار على الإنسانية”، مؤكدًا أن الحصار المستمر أدى إلى نقص حاد في الغذاء والماء والمستلزمات الطبية، ما يهدد برفع معدلات وفيات الأطفال نتيجة سوء التغذية والأمراض.
محافظة رفح.. من خريطة الحياة إلى منطقة عسكرية
في تطور ميداني خطير، كشف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن قوات الاحتلال أزالت محافظة رفح جنوب القطاع من الخريطة، وحولتها إلى منطقة عمليات مغلقة. ووفق البيان، دمر الاحتلال نحو 90% من الأحياء السكنية في المحافظة، بما يشمل أكثر من 200 ألف مبنى و50 ألف وحدة سكنية.
وأضاف أن الاحتلال تسبب في تدمير 85% من شبكات الصرف الصحي، ما جعل المنطقة عرضة لتفشي الأمراض والأوبئة، بينما خرجت جميع المرافق الطبية عن الخدمة، بما فيها مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار ومستشفى الولادة والمستشفى الإندونيسي.
ووثّق المكتب الإعلامي تدمير 8 مدارس بالكامل، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بباقي المؤسسات التعليمية، كما دمر الاحتلال أكثر من 100 مسجد، وسوّى عشرات آلاف الدونمات الزراعية بالأرض، وأغلق مقار 30 مؤسسة من أصل 36، بينها مقر بلدية رفح.
ووفق الإحصائيات الرسمية، قتل الجيش الإسرائيلي 1402 من أفراد الطواقم الطبية واعتقل 362، كما أخرج 34 مستشفى و80 مركزًا صحيًا عن الخدمة، وقصف 142 مركبة إسعاف منذ بداية الحرب.
وبينما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية بدعم أميركي كامل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تجاوز عدد الشهداء والجرحى في غزة 165 ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال، مع وجود أكثر من 11 ألف مفقود. كما صعّدت القوات الإسرائيلية والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 944 فلسطينيًا واعتقال نحو 15,700 آخرين.