رأي آخر

غزة بين خطة السلام الأمريكية والواقع على الأرض

خطة السلام الأخيرة التي طرحها الرئيس الأمريكي أعادت إلى الواجهة النقاش القديم-الجديد حول مستقبل غزة كأحد أهم مفاتيح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فعلى الرغم من أن الخطاب السياسي يبدو متفائلاً في بعض جوانبه، إلا أن الواقع الميداني يفرض تحديات أعقد مما يطرح في المؤتمرات والبيانات الرسمية.

غزة اليوم تعيش بين مطرقة الحصار وسندان الانقسام الداخلي، وأي حديث عن مستقبلها لا يمكن فصله عن إعادة بناء وحدة الصف الفلسطيني وإعادة صياغة علاقة القطاع بالضفة الغربية في إطار مشروع وطني شامل.

دور العرب والمسلمين: بين الدعم السياسي والضغط الفعلي

العالم العربي والإسلامي يملك أوراق ضغط معتبرة، سواء من خلال الوزن الاقتصادي أو من خلال الشرعية الدينية والسياسية. غير أن التجارب السابقة أثبتت أن الدعم ظل في الغالب معنويًا أو موسميًا، دون الانتقال إلى مستوى إستراتيجي يُغيّر ميزان القوى فعليًا.
ومع ذلك، فإن تصاعد الوعي الشعبي عالميًا وتعاظم المقاطعات الاقتصادية والسياسية لإسرائيل يمكن أن يشكل مدخلًا لدور عربي وإسلامي أوسع في المرحلة المقبلة، إذا ما أُحسن التنسيق وتوحيد المواقف.

هل نرى دولة فلسطينية خلال سنة أو سنتين؟

الحديث عن دولة فلسطينية خلال فترة وجيزة، كعام أو عامين، يبدو أقرب إلى الطموح منه إلى الواقع. فالتعقيدات على الأرض –من المستوطنات إلى السيطرة الأمنية– تجعل قيام دولة فلسطينية خلال هذا الأمد الزمني القصير أمرًا مستبعدًا.
لكن ذلك لا يعني استحالة الأمر على المدى المتوسط، إذ يمكن أن يكون هناك اعتراف سياسي أوسع، أو وضع مؤقت كـ “دولة مراقب” بامتيازات أكبر في الأمم المتحدة، كخطوة انتقالية نحو الدولة الكاملة.

مستقبل النضال الفلسطيني: من البندقية إلى الدبلوماسية الشعبية

النضال الفلسطيني في المرحلة المقبلة قد يشهد تحولات نوعية. فبينما لم تتراجع المقاومة المسلحة عن المشهد، فإن أدوات النضال الشعبي والإعلامي والدبلوماسي أخذت تتقدم بسرعة، خاصة مع الحضور الفلسطيني القوي على منصات التواصل وتنامي حركة التضامن الدولية.
المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل أيضًا على الوعي العالمي. وربما تكون غزة، رغم أزماتها، في طليعة هذا التحول إذا استطاعت توظيف صمودها ومأساتها في خدمة مشروع وطني جامع يوصل الصوت الفلسطيني إلى كل العواصم.

الخلاصة: مستقبل غزة مرهون بقدرة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم، وبدور العرب والمسلمين في دعم حقيقي يتجاوز البيانات، وبمدى استثمار الفلسطينيين للتحولات في الرأي العام العالمي. أما الدولة الفلسطينية فهي ممكنة، لكن لن تكون بين ليلة وضحاها، والنضال سيستمر بأشكال متعددة حتى يتحقق الحلم الذي تأجل كثيرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى