ثقافة

غارات أميركية تدمر قلعة القشلة التاريخية في صنعاء وتثير جدلاً دولياً

في قمة جبل نقم، الذي يطل على العاصمة اليمنية صنعاء من الجهة الشرقية، تقع قلعة القشلة التاريخية، التي تعرضت مؤخراً لعدة غارات أميركية أسفرت عن تدميرها الكامل، مما حول الحادثة إلى قضية شغلت الرأي العام في اليمن.

نفذت الغارات في 8 أبريل/نيسان الجاري، وأثارت إدانات واسعة من جماعة الحوثي، التي تسيطر على صنعاء منذ عام 2014، بالإضافة إلى ناشطين عبر منصات التواصل الاجتماعي.

منذ استئناف الضربات في 15 مارس/آذار الماضي، شنت القوات الأميركية مئات الغارات، وفقاً لما ورد في بيانات جماعة الحوثي التي رصدتها الجزيرة نت. أسفرت الغارات حتى يوم الثلاثاء عن مقتل 123 مدنياً وإصابة 247 آخرين، وفقاً لتقرير وزارة الصحة في حكومة الحوثيين، التي لم تذكر حصيلة العسكريين.

وفيما يخص استهداف قلعة القشلة، أدانت وزارة الثقافة والسياحة في حكومة الحوثيين الهجوم، معتبرة إياه “انتهاكاً فاضحاً للاتفاقيات الدولية التي تحظر الاعتداء على المعالم التاريخية”. وأكدت الوزارة في بيان لها أن القلعة “تشكل معلماً تاريخياً مهماً تتربع على قمة جبل نقم، وتمثل إحدى أبرز الشواهد المعمارية والتاريخية في اليمن”.

من جهته، أشار مجلس الترويج السياحي في صنعاء إلى أن “قلعة القشلة تمثل إرثاً حضارياً فريداً يعكس تاريخ اليمن العريق”، مضيفاً أنها بُنيت على أنقاض مبنى أثري يعود للعصر السبئي، حيث تم اكتشاف نقوش بخط المسند وقطع أثرية نادرة، إلى جانب بركتها الصخرية التي تعد شاهداً على براعة الهندسة المائية القديمة. وأضاف المجلس أن القلعة ليست مجرد رمز وطني، بل هي جزء من التراث الإنساني العالمي الذي يستحق الحماية وفقاً للمواثيق الدولية.

واعتبر المجلس الهجوم بمثابة “جريمة بحق القانون الدولي الإنساني”، واصفاً ذلك بـ “التدمير الممنهج للهوية التاريخية لليمن”، ومشدداً على أن هذا الهجوم جزء من حملة تهدف إلى طمس الهوية الثقافية اليمنية التي تعتبر حجر الزاوية لتاريخ المنطقة والعالم.

أحمد الحماسي، مدير مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف في صنعاء، أكد أن الهجوم الأميركي على القلعة يعد “جريمة حرب” واستهدافاً مباشراً للتاريخ اليمني، قائلاً إن القلعة بنيت في العهد العثماني ويعود تاريخ موقعها إلى العصر السبئي، وهو ما يضيف بعداً تاريخياً عميقاً لهذا المعلم. وأضاف الحماسي أن تدمير القلعة يعد هجوماً على الإرث الثقافي لليمن.

أما الصحفي والباحث في القطاع السياحي ماجد التميمي فقد أوضح أن القلعة كانت تستخدم في الأصل من قبل العثمانيين لأغراض عسكرية في القرن التاسع عشر، مؤكداً أنها الآن تعد من المعالم السياحية التي تمثل جزءاً من التراث التاريخي لليمن.

وقد أثار استهداف القلعة تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد ندد العديد من الناشطين بالإقدام على تدمير الموقع الأثري، في حين أشار آخرون إلى أنه قد تم استخدام الموقع العسكري من قبل الحوثيين. الإعلامي أحمد النعمي وصف الهجوم على القلعة بأنه “جريمة ثقافية”، بينما عبّر الصحفي أصيل سارية عن حزنه العميق حيال تدمير جزء من تاريخ بلاده.

وفي سياق متصل، تعرض موقع تاريخي آخر، هو حصن جبل نامة، لعدة غارات أميركية في 14 أبريل/نيسان الجاري، حيث ألحقت الضربات أضراراً جسيمة بالموقع الذي يعود تاريخه إلى العهد الحميري.

زر الذهاب إلى الأعلى