عينات البراز كأداة واعدة للكشف المبكر عن سرطان البنكرياس الغدي القنوي

اكتشف باحثون طريقة غير متوقعة للكشف المبكر عن سرطان البنكرياس الغدي القنوي باستخدام عينات البراز، وهو نهج يوفر وسيلة عملية وغير جراحية لمراقبة هذا النوع القاتل من السرطان.

البكتيريا المعوية ودورها في الصحة والمرض

تشكل الأمعاء موطنًا لتريليونات البكتيريا، حيث يفوق عدد الخلايا البكتيرية في الجسم عدد الخلايا البشرية بما يصل إلى 30–40 تريليون خلية. هذه الكائنات المجهرية تنظم نفسها في مجتمعات معقدة، تعكس بشكل مباشر صحة الإنسان أو وجود أمراض كامنة.

الدراسة والفريق البحثي

أجرت الدراسة فرق من جامعة هلسنكي الفنلندية وجامعة شهيد بهشتي للعلوم الطبية في إيران، ونشرت نتائجها في مجلة جراثيم الأمعاء (Gut Pathogens)، وتناولت صحيفة إندبندنت البريطانية أبرز ما توصلت إليه.

السرطان الصامت وأهمية الكشف المبكر

لقّب سرطان البنكرياس بـ”القاتل الصامت” لأن الأعراض غالبًا ما تظهر متأخرة، وعندها يكون المرض قد وصل إلى مرحلة متقدمة، مما يقلل خيارات العلاج المتاحة. يتطور سرطان البنكرياس الغدي القنوي في القناة البنكرياسية التي تربط البنكرياس بالأمعاء الدقيقة، وقد تعيق الأورام هنا تدفق الإنزيمات الهضمية، مسببة ضعفًا وتعبًا مزمنًا يصعب غالبًا ربطه بالسرطان.

البراز نافذة على ميكروبيوم البنكرياس

نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من هذا السرطان يتطور بالقرب من الأمعاء، فإن عينات البراز توفر نافذة فعالة على ما يحدث داخليًا في الجسم. جمع الباحثون عينات من البراز وحلّلوا الحمض النووي للبكتيريا، لتكشف النتائج عن انخفاض واضح في التنوع البكتيري لدى مرضى سرطان البنكرياس القنوي، مع تغيّر نسب بعض الأنواع مقارنة بالأصحاء.

الذكاء الاصطناعي في التشخيص

الأمر الأبرز في الدراسة هو تطوير فريق البحث نموذج ذكاء اصطناعي قادر على التمييز بدقة بين مرضى السرطان والأصحاء بناءً على ملفاتهم البكتيرية المعوية فقط، ما يفتح آفاقًا جديدة للكشف المبكر والغير جراحي عن المرض.

تفاعلات ثنائية الاتجاه بين السرطان والبكتيريا

تشير النتائج إلى أن العلاقة بين السرطان وميكروبيوم الأمعاء ليست أحادية الاتجاه؛ فبعض السمات البكتيرية قد تشير إلى وجود المرض، بينما يمكن للسرطان نفسه أن يغير تركيبة الميكروبيوم، ما يعكس تفاعلاً ديناميكيًا ومعقدًا بين الجسم والميكروبات المعوية.

هذا البحث يمهد الطريق لتقنيات تشخيصية مستقبلية قد تقلل من معدلات الوفاة المرتفعة المرتبطة بسرطان البنكرياس، من خلال الكشف المبكر عبر وسيلة بسيطة وغير مؤلمة مثل تحليل البراز.